بالقرب من الخندق.
خرج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمسلمين ، وكان عددهم ثلاثة آلاف ، فنزلوا قرب الخندق من جهة المدينة المنورة ، وجعلوا ظهورهم لجبل من جبالها اسمه : (سلع) ، ولم يكن بين الجيشين فاصل سوى الخندق.
بلغ المسلمين خبر نقض بني قريظة لعهدهم ، وتأليهم مع الأحزاب ، فأصاب الكثير منهم الهلع ، واشتد بهم الخوف ، لأنَّهم أصبحوا بين خطرين ، وتعين عليهم أن يحاربوا على جبهتين :
جبهة خارجية : تتمثل بالجيش الذي عسكر على الجانب الآخر من الخندق ، والذي لم يزل منذ قدومه يفتش عن وسيلة لعبوره.
وجبهة داخلية : تتمثل ببني قريظة الذين نقضوا العهد ، والتزموا للعدو الخارجي بأن يقفوا معه في حربه ، ويعينوه من الداخل حيث كانوا يسكنون حول المدينة.
ثمَّت جبهة ثالثة ليست أقل خطراً من ذينك الجبهتين ، بل ربما كانت في بعض الأحيان تشكل خطراً أكبر ، لأنَّها تفتح الطريق أمام قوى العدوان ، وتنكشف أمامها ، هذه الجبهة تتمثل بالمنافقين والذين في قلوبهم رمض.
بلغ الخوف بكثير من المسلمين أن بلغ الأمر إلى حالة تشبه حالة المحتضر الذي تميل عينيه ، ويضطرب قلبه حتى يبلغ من شدة اضطرابه إلى الحنجرة ، وهي حالة من حشرجة الصدر عند المحتضر المشرف على الموت ، وفي هذه الحال من الشدة ظن المنافقون بأن النصر سيكون حليف الأعداء ، وأن الإسلام سيقضى عليه ، فكانوا يتطلعون إلى غد يظهرون فيه الكفر ، الذي كانوا يبطنونه ، ويعودون إلىل جاهليتهم ، كما ظن الذين في قلوبهم مرض بأنَّ هزيمة المسلمين أصبحت حتمية ،