جاهليّة نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء إلى الجار ويأكل القويّ منّا الضعيف. كنّا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منّا ، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه ، فدعا إلى الله لنعبده ونوحّده ، ونخلع ما كنّا نعبد نحن وآباؤنا ، من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرّحم وحسن الجوار ، والكفّ عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش ، وقول الزّور ، وأكل مال اليتيم ، وقذف المحصنات ، وأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئا ، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام. وعدّ أمور الإسلام. قال : فصدّقناه واتّبعناه. فلما قهرونا وظلمونا وحالوا بيننا وبين ديننا ، [٢٤ ب] خرجنا إلى بلدك ، وآثرناك على من سواك فرغبنا في جوارك : ورجونا أن لا نظلم عندك.
قال : فهل معك شيء ممّا جاء به عن الله؟ قال جعفر : نعم. فقرأ :(كهيعص) (١) قالت : فبكى النّجاشيّ وأساقفته حتى اخضلّوا لحاهم ، حين سمعوا القرآن.
فقال النّجاشيّ (٢) : إنّ هذا والّذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة. انطلقا ، فو الله لا أسلّمهم إليكما أبدا.
قالت : فلما خرجنا من عنده ، قال عمرو بن العاص : والله لآتينّه غدا بما أستأصل به خضراءهم. فقال ابن أبي ربيعة ، وكان أتقى الرجلين فينا : لا تفعل ، فإنّ لهم أرحاما ، وإن كانوا قد خالفونا. قال : فو الله لأخبرنّه أنّهم يزعمون أنّ عيسى عبد.
__________________
(١) سورة مريم : الآية الأولى.
(٢) في طبعة القدسي ١١١ (للنجاشي) وهو خطأ.