المدينة. فخرج من مكة سرّا خائفا ، في ثلاثين فارسا (١) ، ليحلّ يمينه. فنزل بجبل من جبال المدينة يقال له : ثيب (٢). فبعت رجلا أو رجلين من أصحابه ، وأمرهما أن يحرّقا أدنى نخل يأتيانه من نخل المدينة. فوجدا (٣) صورا من صيران (٤) نخل العريض (٥). فأحرقا فيها وانطلقا. وانطلق أبو سفيان مسرعا.
وخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم في المسلمين ، حتى بلغ قرقرة الكدر (٦) ففاته أبو سفيان ، فرجع (٧).
وذكر مثل هذا ابن لهيعة عن أبي الأسود ، عن عروة (٨).
وقال : وركب المسلمون في آثارهم ، فأعجزوهم وتركوا أزوادهم.
__________________
(١) في السيرة ابن هشام ٣ / ١٣٦ «فخرج في مائتي راكب من قريش».
(٢) في الأصل وسائر النّسخ والمغازي لعروة ١٦١ : (نبت) وهو تصحيف تصحيحه من سيرة ابن هشام ٣ / ١٣٦ والمغانم المطابة للفيروزآبادي (٨٥ و ٤٣٧). وأثبته محقّق الطبري ٢ / ٤٨٤ «تيت»! وانظر عيون الأثر ١ / ٢٩٦.
(٣) في الأصل : (فوجدوا). والتصحيح من ع ، ح.
(٤) الصّور : جماعة النّخل الصغار. لا واحد له من لفظة ويجمع على صيران. ويقال لغير النخل من الشجر صور وصيران. (تاج العروس ١٢ / ٣٦٢).
(٥) العريض : واد بالمدينة ، كأنه على صيغة التصغير من عرض أو عرض ، والعرض كل واد فيه شجر ، وقيل كلّ واد فيه قرى ومياه. وأعراض المدينة بطون سوادها أو قراها التي في أوديتها ، ويقال للرساتيق بأرض الحجاز الأعراض. (معجم البلدان ٤ / ١١٤ والمغانم المطابة ٢٥٨ ـ ٢٥٩).
(٦) قرقرة الكدر : بناحية المعدن بينها وبين المدينة ثمانية برد ، وقيل ماء لبني سليم ، وقيل غير ذلك. انظر ياقوت (٤ / ٤٤١). وقال السهيليّ ٣ / ١٤٢ : القرقرة : أرض ملساء ، والكدر :
«طير في ألوانها كدر ، عرف بها ذلك الموضع».
(٧) انظر سيرة ابن هشام ٣ / ١٣٦ وتاريخ خليفة ٥٩ والطبقات الكبرى لابن سعد ٢ / ٣٠ وتاريخ الطبري ٢ / ٤٨٣ ـ ٤٨٥ وعيون الأثر لابن سيّد الناس ١ / ٢٩٦ والمغازي للواقدي ١ / ١٨١ ، ١٨٢ ودلائل النبوّة للبيهقي ٢ / ٤٣٣.
(٨) المغازي لعروة ١٦١.