عيينة ، ثنا عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس قال : قدم حبيّ بن أخطب ، وكعب بن الأشرف مكة على قريش فحالفوهم على قتال رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فقالوا لهم : أنتم أهل العلم القديم وأهل الكتاب ، فأخبرونا عنّا وعن محمد ، قالوا : ما أنتم وما محمد؟ قالوا : نحن ننحر الكوماء (١) ونسقي اللّبن على الماء ونفكّ العناة ونسقي الحجيج ، ونصل الأرحام. قالوا : فما محمد؟ قالوا : صنبور (٢) قطع أرحامنا واتّبعه سرّاق الحجيج بنو غفار.
قالوا : لا ، بل أنتم خير منه وأهدى سبيلا. فأنزل الله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ) (٣) الآية.
قال سفيان : كانت غفار سرقة في الجاهلية.
وقال إبراهيم بن جعفر بن محمود بن مسلمة ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله قال : ولحق كعب بن الأشرف بمكة إلى أن قدم المدينة معلنا بمعاداة النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وهجائه ، فكان أوّل ما خرج منه قوله :
أذاهب (٤) أنت لم تحلل بمنقبة |
|
وتارك أنت أمّ الفضل بالحرم! |
صفراء رادعة لو تعصر انعصرت |
|
من ذي القوارير والحنّاء والكتم (٥) |
إحدى بني عامر هام (٦) الفؤاد بها |
|
ولو تشاء شفت كعبا من السّقم |
__________________
(١) الكوماء : الناقة العظيمة السّنام الطويلة.
(٢) في هامش الأصل : الصّنبور : الفرد الّذي لا ولد له ولا أخ. (وانظر : تاج العروس ١٢ / ٣٥٣).
(٣) سورة النساء : من الآية ٥١.
(٤) عند الطبري ٢ / ٤٨٨ والروض الأنف ٣ / ١٤٥ «أراحل».
(٥) رادعة : أي يفوح منها أثر الطيب أو الزعفران. والكتم : نبت يخلط بالحنّاء ويخضب به الشعر فيبقى لونه.
(٦) عند الطبري «جنّ».