يكفّن فيها ، ما أظنّنا إلّا قد عجّلت لنا طيّباتنا في حياتنا الدنيا. أخرجه البخاري (١).
وقال الأعمش ، عن أبي وائل ، عن خبّاب قال : هاجرنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم نبتغي وجه الله ، فوجب أجرنا على الله ، فمنّا من ذهب لم يأكل من أجره ، وكان منهم مصعب بن عمير ، قتل يوم أحد ، ولم يكن له إلّا نمرة ، كنّا إذا غطّينا رأسه خرجت رجلاه ، وإذا غطّينا رجليه خرج رأسه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : غطّوا بها رأسه واجعلوا على رجليه من الإذخر. ومنّا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها (٢). متّفق عليه (٣).
وقال يونس ، عن ابن إسحاق (٤) ، حدّثني عبد الواحد بن أبي عون ، عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقّاص ، قال : كانت امرأة من بني الأنصار من بني دينار قد أصيب زوجها وأخوها [وأبوها] (٥) يوم أحد. فلما نعوا لها قالت : ما فعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ قالوا : خيرا ، يا أمّ فلان. فقالت : أرونيه حتى انظر إليه. فأشاروا لها إليه ، حتى إذا رأته قالت : كلّ مصيبة بعدك جلل ، أي هيّن (٦). ويكون في غير ذا بمعنى عظيم.
__________________
(١) صحيح البخاري : كتاب المغازي ، باب غزوة أحد (٥ / ١٢١).
(٢) يهدبها : يجنيها ويقطفها. (تاج العروس ٤ / ٣٨٢).
(٣) صحيح البخاري : كتاب الجنائز ، باب إذا لم يجد كفنا إلّا ما يواري رأسه أو قدميه غطّى رأسه (٢ / ٩٨) ، وكتاب المغازي ، باب غزوة أحد (٥ / ١٢١) وباب من قتل من المسلمين يوم أحد (٥ / ١٣١). وصحيح مسلم (٩٤٠) : كتاب الجنائز : باب في كفن الميت. وانظر : البداية والنهاية ٤ / ٣٥.
(٤) سيرة ابن هشام ٣ / ١٧٣.
(٥) ليست في ع ، وأثبتناها من السيرة وتاريخ الطبري (٢ / ٥٣٣) وابن كثير (٤ / ٤٧) ولعلّه سقط ، يدلّ عليه ضمير الجمع في الفعل «نعوا» وعبارة ابن الملا كما في ع وصرف الفعل إلى «نعيا».
(٦) قال ابن هشام : «تريد صغيرة» الجلل يكون من القليل ومن الكثير ، وهو هنا من القليل.