وقال موسى بن عقبة : قال الزّهري : حدّثني عبد الرحمن بن عبد الله ابن كعب بن مالك ، ورجال من أهل العلم ، أنّ عامر بن مالك الّذي يدعى «ملاعب الأسنّة» قدم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو مشرك ، فعرض عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم الإسلام. فأبى أن يسلم ، وأهدى لرسول الله صلىاللهعليهوسلم هديّة. فقال : إنّي لا أقبل هديّة مشرك. فقال : ابعث معي من شئت من رسلك ، فأنا لهم جار. فبعث رهطا ، فيهم المنذر بن عمرو السّاعدي ، وهو الّذي يقال له «أعنق ليموت» (١) ، بعثه عينا له في أهل نجد. فسمع بهم عامر بن الطّفيل ، فاستنفر بني عامر ، فأبوا أن يطيعوه. فاستنفر بني سليم فنفروا معه. فقتلوهم ببئر معونة ، غير عمرو بن أميّة الضّمري ، فإنّه أطلقه عامر بن الطّفيل. فقدم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وقال ابن إسحاق (٢) : حدّثني والدي ، عن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم ، وغيرهما ، قالوا : قدم أبو البراء عامر بن مالك بن جعفر ، ملاعب الأسنّة على رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة ، فلم يسلم ولم يبعد من الإسلام. وقال : يا محمد لو بعثت معي رجالا من أصحابك إلى أهل نجد يدعونهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك. قال : أخشى عليهم أهل نجد. قال أبو البراء : أنار لهم جار. فبعث المنذر بن عمرو في أربعين رجلا ، فيهم الحارث بن الصّمّة ، وحرام بن ملحان ، أخو بني عديّ بن النّجّار ، وعروة بن أسماء بن الصّلت السّلمي ، ونافع (٣) بن ورقاء الخزاعي ، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر ، في خيار المسلمين ، فساروا حتى بلغوا بئر معونة ، بين أرض بني عامر وحرّة بني
__________________
(١) أعنق ليموت ، أو المعنق ليموت : أي المسرع ، سمى بذلك لإسراعه إلى الشهادة.
(٢) سيرة ابن هشام ٣ / ٢٣٠ ، ٢٣١ ، تاريخ الطبري ٢ / ٥٤٦ ، ٥٤٧.
(٣) في طبعة القدسي ٢١٣ «رافع» والتصحيح من تاريخ الطبري ٢ / ٥٤٦ ، والإصابة ٣ / ٥٤٣ وهو «نافع بن بديل بن ورقاء».