ثنا أحمد بن عبد الجبّار ، ثنا يونس بن بكير ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضياللهعنها قالت :
لقد تحدّث بأمري في الإفك واستفيض فيه وما أشعر. وجاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومعه أناس من أصحابه ، فسألوا جارية لي سوداء كانت تخدمني فقالوا : أخبرينا ما علمك بعائشة؟ فقالت : والله ما أعلم منها شيئا أعيب من أنّها ترقد ضحى حتى إنّ الدّاجن (١) داجن أهل البيت تأكل خميرها. فأداروها وسألوها حتى فطنت ، فقالت : سبحان الله ، والّذي نفسي بيده ما أعلم على عائشة إلّا ما يعلم الصّائغ على تبر الذّهب الأحمر. قالت : فكان هذا وما شعرت.
ثم قام رسول الله صلىاللهعليهوسلم خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : أمّا بعد ، فأشيروا عليّ في أناس أبنا (٢) أهلي ، وايم الله إن علمت على أهلي من سوء قطّ ، وأبنوهم بمن ، والله إن علمت عليه سوءا قطّ ، ولا دخل على أهلي إلّا وأنا شاهد ، ولا غبت في سفر إلّا غاب معي. فقال سعد ابن معاذ رضياللهعنه : أرى يا رسول الله أن تضرب أعناقهم. فقال رجل من الخزرج ـ وكانت أمّ حسّان من رهطه ، وكان حسّان من رهطه ـ : والله ما صدقت ، ولو كان من الأوس ما أشرت بهذا. فكاد يكون بين الأوس والخزرج شرّ في المسجد ، ولا علمت بشيء منه ، ولا ذكره لي ذاكر. حتى أمسيت من ذلك اليوم فخرجت في نسوة لحاجتنا ، وخرجت معنا أمّ مسطح ـ بنت خالة أبي بكر رضياللهعنه ـ فإنّا لنمشي ونحن عامدون لحاجتنا ، عثرت أمّ مسطح فقالت : تعس مسطح. فقلت : أي أم ، أتسبّين ابنك؟ فلم
__________________
(١) الداجن : الشاة التي تأليف البيوت ولا تخرج إلى المرعى.
(٢) أبنوا : مخفّفة ، أي اتّهموا ، ورواها الأصيلي بالتشديد. وفي رواية القسطلاني «أنبوا» بتقديم النّون.