وقال قتادة من رواية شيبان عنه : كان يوم الأحزاب بعد أحد بسنتين ، فهذا هو المقطوع به. وقول موسى وعروة إنّها في سنة أربع وهم بين ، ويشبهه قول عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر : «عرضني رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم أحد ، وأنا ابن أربع عشرة ، فلم يجزني. فلما كان يوم الخندق عرضت عليه وأنا ابن خمس عشرة فأجازني» فيحمل قوله على أنّه كان قد شرع في أربع عشرة ، وأنه يوم الخندق كان قد استكمل خمس عشرة سنة ، وزاد عليها بعد تلك (١) الزيادة. والعرب تفعل هذا في مددها وتواريخها وأعمارها كثيرا ، فتارة يعتدّون بالكسر ويعدّونه سنة ، وتارة يسقطونه. وذهب بعض العلماء إلى ظاهر هذا الحديث وعضّدوه بقول موسى بن عقبة : «وغزوة الأحزاب في شوّال سنة أربع» وذلك مخالف لقول الجماعة ، ولما اعترف به موسى وعروة من أنّ بين أحد والخندق سنتين والله أعلم (٢).
[٥٢ أ] وقال أبو إسحاق الفزاريّ ، عن حميد ، عن أنس قال : خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم في غداة باردة إلى الخندق ، والمهاجرون والأنصار يحفرون. الخندق بأيديهم ، ولم يكن لهم عبيد ، : فلما رأى ما بهم من الجوع والنّصب قال :
اللهم إنّ العيش عيش الآخرة ، |
|
فاغفر للأنصار والمهاجرة |
__________________
(١) في الأصل : بعد ذلك الزيادة. وما أثبتناه من ع والخبر في صحيح البخاري ٥ / ٤٥.
(٢) قال ابن حجر في فتح الباري ٧ / ٣٩٣ «وقد بيّن البيهقي سبب هذا الاختلاف وهو أن جماعة من السلف كانوا يعدّون التاريخ من المحرّم الّذي وقع بعد الهجرة ويلغون الأشهر التي قبل ذلك إلى ربيع الأول. وعلى ذلك جرى يعقوب بن سفيان في تاريخه ، فذكر أن غزوة بدر الكبرى كانت في السنة الأولى ، وأن غزوة أحد كانت في الثانية ، وأن الخندق كانت في الرابعة. وهذا عمل صحيح على ذلك البناء ، لكنه بناء واه مخالف لما عليه الجمهور من جعل التاريخ من المحرم سنة الهجرة ، وعلى ذلك تكون بدر في الثانية ، وأحد في الثالثة ، والخندق في الخامسة ، وهو المعتمد».