لقاح النّبيّ صلىاللهعليهوسلم بالغابة (١) ، وفيها رجل من بني غفار وامرأة ، فقتلوا الرجل واحتملوا المرأة في اللّقاح.
وكان أوّل من نذر (٢) بهم سلمة بن الأكوع ، غدا يريد الغابة ومعه غلام لطلحة بن عبيد الله معه فرسه ، حتى إذا علا ثنيّة الوداع (٣) نظر إلى بعض خيولهم فأشرف في ناحية من سلع ، ثم صرخ : وا صباحاه ، ثم خرج يشتدّ في آثار القوم ، وكان مثل السّبع ، حتى لحق بالقوم. وجعل يردّهم بنبله ، فإذا وجّهت الخيل نحوه هرب ثم عارضهم فإذا أمكنه الرمي رمى. وبلغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذلك فصرخ بالمدينة : الفزع الفزع. فنزلت (٤) الخيول إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم [وكان أول من انتهى إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم من الفرسان] (٥) المقداد وعبّاد بن بشر ، وأسيد بن ظهير (٦) ، وعكّاشة بن محصن وغيرهم. فأمّر عليهم سعد (٧) بن زيد ، ثم قال : أخرج في طلب القوم حتى ألحقك بالنّاس. وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ فيما بلغني ـ لأبي عيّاش : لو أعطيت فرسك رجلا منك؟ فقلت : يا رسول الله أنا أفرس النّاس. وضربت الفرس فو الله ما مشي بي إلّا خمسين ذراعا حتى طرحني فعجبت أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : لو أعطيته أفرس منك وجوابي له.
ولم يكن سلمة بن الأكوع يومئذ فارسا ، وكان أوّل من لحق القوم على رجليه. وتلاحق الفرسان في طلب القوم. فأول من أدركهم محرز بن نضلة
__________________
= الرديء ، يقال في مثل : عثرت على الغزل بآخرة فلم تدع بنجد قردة. (الروض الأنف ٤ / ١٤).
(١) موضع قرب المدينة من ناحية الشام فيه أموال لأهل المدينة ، بينه وبين سلع ثمانية أميال. قال ابن سعد : الغابة وهي على بريد من المدينة طريق الشام.
(٢) في ع : بدر ، تصحيف. ونذر بالشيء : علم به فحذره (سيرة ابن هشام ٤ / ٣).
(٣) ثنيّة الوداع : هي ثنيّة مشرفة على المدينة يطؤها من يريد مكة.
(٤) عند ابن هشام ٤ / ٣ «فترامت».
(٥) سقطت من ع ، وزدناها من سيرة ابن هشام (٤ / ٣).
(٦) شك فيه ابن إسحاق في رواية ابن هشام والطبري ٢ / ٦٠١ وعند الواقدي أنه أسيد بن حضير.
(٧) في ع : سعيد. والتصحيح من أسد الغابة والإصابة والسيرة ٤ / ٣ والطبري ٢ / ٦٠١.