القوم. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فيما بلغني : إنّهم الآن ليغبقون (١) في غطفان. فقسّم رسول الله صلىاللهعليهوسلم في أصحابه ، في كلّ مائة رجل ، جزورا. وأقاموا عليها ثم رجعوا إلى المدينة (٢).
قال : وانفلتت امرأة الغفاريّ على ناقة من إبل رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى قدمت عليه ، وقالت : إنّي نذرت لله أن أنحرها إن نجّاني الله عليها. قال : فتبسّم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال : بئس ما جزيتها أن حملك الله عليها ونجّاك بها ثم تنحرينها ، إنّه لا نذر فيما لا يملك ابن آدم إنّما هي ناقة من إبلي ، ارجعي على بركة الله (٣).
قلت : هذه الغزوة تسمّى غزوة الغابة ، وتسمّى غزوة ذي قرد.
وذكر ابن إسحاق وغيره : إنّها كانت في سنة ستّ. وأخرج مسلم (٤) أنها زمن الحديبيّة.
قال أبو النّضر هاشم بن القاسم : أنا عكرمة بن عمّار حدّثني إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال : قدمنا المدينة زمن الحديبيّة مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فخرجت أنا ورباح ـ غلام النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ـ بظهر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وخرجت بفرس لطلحة بن عبيد الله كنت أريد أن أندّيه (٥) مع الإبل. فلما كان بغلس ، أغار عبد الرحمن بن عيينة على إبل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقتل راعيها وخرج يطّردها وأناس معه في خيل. فقلت : يا رباح اقعد على هذا الفرس فألحقه بطلحة وأخبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم الخبر. فقمت على تلّ فجعلت وجهي من قبل المدينة ثم ناديت ثلاث مرّات : يا صباحاه. ثم اتّبعت القوم مع سيفي ونبلي فجعلت أرميهم وأعقر بهم وذلك حين يكثر الشجر ، فإذا رجع إليّ فارس جلست له
__________________
(١) يغبقون : يشربون اللبن بالعشيّ.
(٢) سيرة ابن هشام ٤ / ٤ ، تاريخ الطبري ٢ / ٦٠٣ ، ٦٠٤ ، عيون الأثر ٢ / ٨٦ ، ٨٧.
(٣) سيرة ابن هشام ٤ / ٤.
(٤) صحيح مسلم ١٨٠٧ كتاب الجهاد والسير ، باب غزوة ذي قرد وغيرها.
(٥) ندّى الإبل يندّيها تندية : أي يوردها فتشرب قليلا ثم يرعاها قليلا ثم يردها إلى الماء.