وضوئه ، وإذا تكلّم خفضوا أصواتهم عنده ، ولا يحدّون إليه النّظر تعظيما له ، وإنّه قد عرض عليكم خطّة رشد فاقبلوها (١). فقال رجل من بني كنانة : دعوني آته. فقالوا : ائته. فلمّا أشرف على النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هذا فلان وهو من قوم يعظّمون البدن (٢) ، فابعثوها له. فبعثت له. واستقبله القوم يلبّون. فلما رأى ذلك قال : سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن يصدّوا عن البيت (٣) ، فلما رجع إلى أصحابه قال : رأيت البدن قد قلّدت وأشعرت ، فما أرى أن يصدّوا عن البيت. فقام رجل منهم يقال له مكرز بن حفص فقال : دعوني آته. فقالوا : ائته. فلما أشرف عليهم قال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم الله [٤٩ أ] عليه وسلّم : هذا مكرز وهو رجل فاجر. فجعل يكلّم النّبيّ صلىاللهعليهوسلم. فبينا هو يكلّمه إذ جاء سهيل بن عمرو.
قال معمر : وأخبرني أيّوب ، عن عكرمة أنّه قال : لما جاء سهيل قال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : سهّل لكم من أمركم (٤).
قال الزّهري في حديثه : فجاء سهيل بن عمرو فقال : هات اكتب بيننا وبينك كتابا. فدعا الكاتب فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اكتب بسم الله الرحمن الرحيم». فقال سهيل : أمّا الرحمن فو الله ما أدري ما هو ، ولكن اكتب [باسمك اللهمّ] (٥) كما كنت تكتب. فقال المسلمون : والله لا نكتبها إلّا بسم الله الرحمن الرحيم. فقال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : «اكتب باسمك اللهمّ» ثم قال : «هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله». فقال سهيل : والله لو كنّا نعلم أنّك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ، ولكن أكتب محمد بن
__________________
(١) انظر نهاية الأرب ١٧ / ٢٢٦.
(٢) البدنة تقع على الجمل والناقة والبقرة ، وهي بالإبل أشبه.
(٣) حتى هنا انظر تاريخ الطبري ٢ / ٦٢٦ ، ٦٢٧.
(٤) تاريخ الطبري ٢ / ٦٢٩.
(٥) الإضافة من البداية والنهاية ٤ / ١٦٨ وسيرة ابن هشام ٤ / ٢٨.