الصّلح حين بعثوا هذا الرجل». فوقع الصلح على أن توضع الحرب بينهما عشر سنين ، وأن يخلّوا بينه وبين مكة من العام المقبل ، فيقيم بها ثلاثا ، وأنه لا يدخلها إلّا بسلاح الراكب والسيوف في القرب ، وأنّه من أتانا من أصحابك بغير إذن وليّه لم نردّه عليك ، ومن أتاك منّا بغير إذن وليّه رددته علينا ، وأنّ بيننا وبينك عيبة مكفوفة (١) ، وأنه لا إسلال ولا إغلال. وذكر الحديث.
الإسلال : الخفية ، وقيل الغارة ، وقيل سلّ السيوف (٢) والإغلال : الغارة.
وقال شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن البراء قال : لما صالح رسول الله صلىاللهعليهوسلم مشركي مكّة كتب كتابا : «هذا ما صالح عليه محمد رسول الله». قالوا : لو علمنا أنّك رسول الله لم نقاتلك. قال لعليّ : «امحه». فأبى ، فمحاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيده ، وكتب : هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله. واشترطوا عليه أن يقيموا ثلاثا ، وأن لا يدخلوا مكة بسلاح إلّا جلبّان السلاح ، يعني السيف بقرابة. متّفق عليه (٣).
وقال حمّاد بن سلمة عن ثابت ، عن أنس نحوه أو قريبا منه.
أخرجه مسلم (٤).
__________________
(١) عيبة مكفوفة : أي مشرحة معقودة ، ويكنى بالعيبة عن الصدور والقلوب. يريد أنّ الشرّ بيننا مكفوف كما تكلّف العيبة إذا أشرجت.
(٢) قال السهيليّ : الإسلال : السرقة والخلسة ونحوها ، وهي السلة ، قالوا في المثل : الخلة تدعو إلى السلّة. الروض الأنف ٤ / ٣٦.
(٣) صحيح البخاري : كتاب الصلح ، باب كيف يكتب هذا ما صالح فلان إلخ. وصحيح مسلم (١٧٨٣). كتاب الجهاد والسير ، باب صلح الحديبيّة في الحديبيّة. وانظر سيرة ابن هشام ٤ / ٢٨ ، ٢٩ ، والطبقات لابن سعد ٢ / ١٠١ و ١٠٣.
(٤) صحيح مسلم (١٧٨٣) ، كتاب الجهاد والسير ، باب صلح الحديبيّة في الحديبيّة.