المسور ، ومروان قالا في قصّة الحديبيّة : ثم انصرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم راجعا. فلما أن كان بين مكة والمدينة نزلت عليه سورة الفتح. فكانت القضيّة في سورة الفتح وما ذكره الله من بيعة الرضوان تحت الشجرة. فلما أمن النّاس وتفاوضوا ، لم يكلّم أحد بالإسلام إلّا دخل فيه. فلقد دخل في تينك السنتين في الإسلام أكثر مما كان فيه قبل ذلك. وكان صلح الحديبيّة فتحا عظيما.
وقال ابن لهيعة : ثنا أبو الأسود عن عروة ، قالوا : وأقبل رسول الله صلىاللهعليهوسلم من الحديبيّة راجعا. فقال رجال من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما هذا بفتح ، لقد صددنا عن البيت وصدّ هدينا ، وعكسف رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالحديبية وردّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم رجلين من المسلمين خرجا.
فبلغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قول رجال من أصحابه : إنّ هذا ليس بفتح. فقال : «بئس الكلام ، هذا أعظم الفتح ، لقد رضي المشركون أن يدفعوكم بالرّواح عن بلادهم ويسألونكم [٦٥ أ] القضيّة ويرغبون إليكم في الأمان ، وقد رأوا منكم ما كرهوا ، وقد أظفركم الله عليهم وردّكم سالمين غانمين مأجورين ، فهذا أعظم الفتوح. أنسيتم يوم أحد. إذ تصعدون ولا تلوون على أحد وأنا أدعوكم في أخراكم؟ أنسيتم يوم الأحزاب ، إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم»؟ فقال المسلمون : صدق الله ورسوله ، هو أعظم الفتوح والله يا نبيّ الله.
وقال ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، قال : ظهرت الروم على فارس عند مرجع المسلمين من الحديبيّة. وقال مثل ذلك عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود.
وكانت بين الروم وبين فارس ملحمة مشهودة نصر الله فيها الروم. ففرح المسلمون بذلك ، لكون أهل الكتاب في الحملة نصروا على المجوس (١)
__________________
(١) انظر نهاية الأرب للنويري ١٧ / ٢٣٥.