ومن معه بالغابة (١) ، يريد أن يجمع قيسا على حرب رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وكان ذا شرف ، فدعاني النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ورجلين من المسلمين ، فقال : «اخرجوا إليه ، حتى تأتوا منه بخبر وعلم» ، وقدّم لنا شارفا عجفاء (٢) ، فحمل عليها أحدنا ، فو الله ما قامت (٣) به ضعفا ، حتى دعمها الرجال من خلفها بأيديهم ، حتى استقلّت وما كادت. وقال : تبلغوا على هذه ، فخرجنا ، حتى إذا جئنا قريبا من الحاضر مع غروب الشمس ، وكمنت في ناحية ، وأمرت صاحبي فكمنّا في ناحية ، وقلت : إذا سمعتماني قد كبّرت وشددت في العسكر ، فكبّروا وشدّوا معي ، فو الله إنّا لكذلك ننتظر أن نرى غرّة وقد ذهبت فحمة العشاء ، وقد كان لهم راع قد سرّح في ذلك البلد فأبطأ عليهم ، فقام زعيمهم رفاعة فأخذ سيفه وقال : لأتبعنّ أثر راعينا ، فقالوا : نحن نكفيك ، قال : لا ، وو الله [٧٧ أ] لا يتبعني أحد منكم ، وخرج حتى مرّ بي ، فلما أمكنني نفحته بسهم فوضعته في فؤاده ، فو الله ما نطق ، فوثبت إليه ، فاحترزت رأسه ، ثم شددت في ناحية العسكر وكبّرت وكبّر صاحباي ، فو الله ما كان إلّا النّجاء ممن كان فيه عندك بكلّ ما قدروا عليه من نسائهم وأبنائهم وما خفّ معهم ، واستقنا إبلا عظيمة وغنما كثيرة ، فجئنا بها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وجئت برأسه أحمله معي ، فأعطاني من تلك الإبل ثلاثة عشر بعيرا في صداقي ، فجمعته إلى أهلي (٤).
* * *
__________________
(١) الغابة : موضع قرب المدينة من ناحية الشام ، فيه أموال لأهل المدينة. (معجم البلدان ٤ / ١٨٢).
(٢) الشارف العجفاء من النوق : المسنّة الهرمة.
(٣) في الأصل : قدمت. والتصحيح من ع ومن السيرة لابن هشام ٤ / ٢٤٢.
(٤) سيرة ابن هشام ٤ / ٢٤١ ، ٢٤٢ ، عيون الأثر ٢ / ١٦٢ ، ١٦٣ ، تاريخ الطبري (حوادث سنة ٨ ه ـ) ٣ / ٣٤ ، ٣٥ ، البداية والنهاية ٤ / ٢٢٣ ، ٢٢٤.