ثم خرج القوم حتى نزلوا معان (١) ، فبلغهم أنّ هرقل قد نزل مآب (٢) في مائة ألف من الروم ، ومائة ألف من المستعربة ، فأقاموا بمعان يومين ، وقالوا : نبعث إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بخبره. فشجّع النّاس عبد الله بن رواحة ، فقال : يا قوم ، والله إنّ التي تكرهون للّتي خرجتم لها تطلبون ، الشّهادة. ولا نقاتل النّاس (٣) بعدد ولا كثرة ، وإنّما نقاتلهم بهذا الدّين الّذي أكرمنا الله به ، فإن يظهرنا الله به فربّما فعل ، وإن تكن الأخرى فهي الشهادة ، وليست بشرّ المنزلتين ، فقال النّاس : والله لقد صدق فانشمر النّاس ، وهم ثلاثة آلاف ، حتى لقوا جموع الرّوم بقرية من قرى البلقاء يقال لها مشارف (٤) ، ثم انحاز المسلمون إلى مؤتة ، قرية فوق الحساء (٥). وكانوا ثلاثة آلاف.
وقال الواقديّ (٦) : حدّثني ربيعة بن عثمان عن المقبريّ ، عن أبي هريرة ، قال شهدت مؤتة ، فلما رأينا المشركين (٧) رأينا ما لا قبل لأحد به من العدّة (٨) والسلاح والكراع والدّيباج والذهب. فبرق بصري ، فقال لي ثابت بن
__________________
(١) معان : مدينة في طرف بادية الشام تلقاء الحجاز من نواحي البلقاء. (معجم البلدان ٥ / ١٥٣).
(٢) في الأصل ، ع : بمأرب. والتصحيح من ابن هشام ٤ / ٧١ وابن سعد ٢ / ١٢٩ والواقدي ٢ / ٧٦٠ ومآب مدينة في طرف الشام من نواحي البلقاء. (معجم البلدان ٥ / ٣١).
(٣) في الأصل (الله) وهو سهو واضح. والتصحيح من ع ، ومن السيرة وغيره.
(٤) (في الأصل ، ع : شراف. والتصحيح من ابن هشام (٤ / ٧٢) وتاريخ الطبري (٣ ـ ٢٩) ومعجم البلدان في (المشارف) و (مؤتة). (٥ / ١٣١ و ٢٢٠)
(٥) الحساء ومثلها الأحساء : جمع حسي وهو الماء الّذي تنشّفه الأرض من الرمل ، فإذا صار إلى صلابة أمسكته ، فتحفر العرب عنه الرمل فتستخرجه. (معجم البلدان ١ / ١١١) وفي ع :
أحساء وانظر الخبر في سيرة ابن هشام ٤ / ٧٠ ـ ٧٢ ، مغازي عروة ٢٠٤ ، ٢٠٥ تاريخ الطبري ٣ / ٣٩ ، نهاية الأرب ١٧ / ٢٧٩ ، عيون الأثر ٢ / ١٥٤ ، البداية والنهاية ٤ / ٢٤٢ ، ٢٤٣ عيون التواريخ ١ / ٢٨١.
(٦) انظر : المغازي للواقدي (٢ / ٧٦٠).
(٧) في الأصل ، ع : فلما رآنا المشركون. والتصحيح من الواقدي (٢ / ٧٦٠).
(٨) في مغازي الواقدي «العدد».