الأسديّ ، ومعه ثمانية. وكتب معه كتابا ، وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين. فلمّا قرأ الكتاب وجده : إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل بين نخلة والطائف (١) ، فترصد لنا قريشا ، وتعلم لنا من أخبارهم. فلما نظر عبد الله في الكتاب قال لأصحابه : قد أمرني رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن أمضي إلى نخلة ، ونهاني أن أستكره أحدا منكم. فمن كان يريد الشهادة فلينطلق ، ومن كره الموت فليرجع. فأمّا أنا فماض لأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فمضى ومضى معه الثمانية ، وهم : أبو حذيفة بن عتبة ، وعكّاشة بن محصن ، وعتبة بن غزوان ، وسعد بن أبي وقّاص ، وعامر بن ربيعة ، وواقد بن عبد الله التّميميّ ، وسهيل بن بيضاء الفهريّ ، وخالد بن البكير.
فسلك يهم على الحجاز ، حتى إذا كان بمعدن فوق الفرع يقال له بحران (٢) ، أضلّ سعد بن أبي وقّاص ، وعتبة بن غزوان بعيرا لهما ، فتخلّفا في طلبه. ومضى عبد الله بمن بقي حتى نزل بنخلة. فمرّت بهم عير لقريش تحمل زبيبا وأدما (٣) ، وفيها عمرو بن الحضرميّ وجماعة. فلما رآهم القوم هابوهم. فأشرف لهم عكّاشة ، وكان قد حلق رأسه ، فلمّا رأوه أمنوا ، وقالوا : عمّار (٤) لا بأس عليكم منهم.
وتشاور القوم فيهم ، وذلك في آخر رجب ، فقالوا : والله لئن تركتموهم هذه الليلة ليدخلنّ الحرم فليمتنعنّ منكم به ، ولئن قتلتموهم لتقتلنّهم في
__________________
(١) نخلة : وتسمى نخلة اليمانية : واد بينه وبين مكة مسيرة ليلتين (معجم البلدان ٥ / ٢٧٧) والطّائف : هي وادي وجّ ، وبه كانت تسمّى قديما ، بينها وبين مكة اثنا عشر فرسخا (معجم البلدان ٤ / ٨).
(٢) بحران : بالضم ، وهو المشهور ، ويفتح : موضع بناحية الفرع ، وبين الفرع والمدينة ثمانية برد. والمعدن مكان كلّ شيء فيه أصله. ويقال إنّ معدن بحران هذا كان للحجّاج بن علاط البهزيّ. (معجم البلدان ١ / ٣٤١).
(٣) الأدم : جمع أديم ، وهو الجلد المدبوغ.
(٤) العمّار : المعتمرون.