فهزمهم ، وقتل منهم قريبا من عشرين ، ومن هذيل ثلاثة [٩٣ ب] أو أربعة ، وهزموا وقتلوا بالحزورة (١) ، حتى دخلوا الدّور ، وارتفعت طائفة منه على الجبل على الخندمة ، واتّبعهم المسلمون بالسّيوف.
ودخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم في أخريات النّاس ، ونادى مناد : من أغلق عليه داره وكفّ يده فهو آمن (٢). وكان النّبيّ صلىاللهعليهوسلم نازلا بذي طوى ، فقال : «كيف قال حسّان»؟ فقال رجل من أصحابه : قال :
عدمت بنيّتي (٣) إن لم تروها |
|
تثير النّفع من كتفي كداء (٤) |
فأمرهم فأدخلوا الخيل من حيث قال حسّان. فأدخلت من ذي طوى من أسفل مكة. واستحرّ القتل ببني بكر. فأحلّ الله له مكّة ساعة من نهار ، وذلك قوله تعالى (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ) (٥) فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما أحلّت الحرمة لأحد قبلي ولا بعدي ، ولا أحلّت لي إلّا ساعة من نهار.
ونادى أبو سفيان بمكة : أسلموا تسلموا (٦). وكفّهم الله عن عباس.
فأقبلت هند فأخذت بلحية أبي سفيان ، ثم نادت : يا آل غالب اقتلوا الشيخ الأحمق. قال : أرسلي لحيتي ، فأقسم لئن أنت لم تسلمي ليضربنّ
__________________
(١) الحزورة : بالفتح ثم السكون وفتح الواو والراء. وهو في اللغة : الرابية الصغيرة وجمعها حزاور. سوق مكة وقد دخلت في المسجد لما زيد فيه. (معجم البلدان ٢ / ٢٥٥).
(٢) حتى هنا رواية عروة في المغازي ٢١١.
(٣) وفي رواية «ثنيّتي» ، والبيت من جملة أبيات ستأتي بعد قليل.
(٤) كداء : (بالفتح والمد) بأعلى مكة عند المحصب ، دار النبي صلىاللهعليهوسلم ، من ذي طوى إليها. وقيل هي العقبة الصغرى التي بأعلى مكة وهي التي تهبط منها إلى الأبطح والمقبرة منها عن يسارك ، و
أما العقبة الوسطى التي بأسفل مكة فهي كدي (بالضمّ والقصر). وقد اختلف في ذلك ، (انظر معجم البلدان ٤ / ٤٣٩ ـ ٤٤١).
(٥) سورة البلد. الآيتان ١ ، ٢.
(٦) في الأصل : أسلموا أسلموا. وأثبتنا عبارة ع ، ح. ومغازي عروة ٢١١.