ثلاثا ، كلّ ذلك يأبى ، فبايعه بعد ثلاث. ثم أقبل على أصحابه فقال : «أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا ، حيث رآني كففت ، فيقتله؟».
قالوا : ما يدرينا ، يا رسول الله ، ما في نفسك ، هلّا أومأت إلينا بعينك؟
قال : «إنّه لا يَنْبغي أن يكون لنَبِيٍ خَائِنَة الأَعْيُن» (١).
وقال ابن إسحاق : حدّثني عبد الله بن أبي بكر ، قال : قدم مقيس بن صبابة على رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة ، وقد أظهر الإسلام ، يطلب بدم أخيه هشام. [وكان قتله رجل من المسلمين يوم بني المصطلق ولا يحسبه إلّا مشركا] (٢). فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّما قتل أخوك خطأ. وأمر له بديته ، فأخذها ، فمكث مع المسلمين شيئا ، ثم عدا على قاتل أخيه فقتله ، ولحق بمكّة كافرا. فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ عام الفتح ـ بقتله ، فقتله رجل من قومه يقال له نميلة بن عبد الله ، بين الصّفا والمروة (٣).
وحدّثني عبد الله بن أبي بكر ، وأبو عبيدة بن محمد بن عمّار : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم إنّما أمر بقتل ابن أبي سرح لأنه كان قد أسلم ، وكتب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم الوحي. فرجع مشركا ولحق بمكّة (٤).
قال ابن إسحاق : وإنّما أمر بقتل عبد الله بن خطل ، أحد بني تيم بن غالب ، لأنه كان مسلما ، فبعثه ، رسول الله صلىاللهعليهوسلم مصدّقا (٥) ، وبعث معه رجلا من
__________________
(١) قال ابن الأثير في (النهاية في غريب الحديث ٢ / ٦) : أي يفسّر في نفسه غير ما يظهر ، فإذا كفّ لسانه وأومأ بعينه فقد خان ، وإذا كان ظهور تلك الحالة من قبل العين سمّيت خائنة الأعين. وانظر : المغازي للواقدي ٢ / ٨٥٦ ، وسيرة ابن هشام ٤ / ٩٢ ، وعيون الأثر لابن سيّد الناس ٢ / ١٧٥ ، وشفاء الغرام ٢ / ١٨٧.
(٢) ما بين الحاصرتين من نسخة (ح).
(٣) انظر سيرة ابن هشام ٤ / ٩٣ ، وعيون الأثر ٢ / ١٧٦ ، والمغازي للواقدي ٢ / ٨٦٠ ، ٨٦١ ، شفاء الغرام ٢ / ٢٢٨.
(٤) انظر : السيرة لابن هشام ٤ / ٩٢ ، والمغازي للواقدي ٢ / ٨٥٥ ، وعيون الأثر ٢ / ١٧٥ ، وشفاء الغرام ٢ / ٢٢٥.
(٥) مصدّقا : أي جابيا للصدقات.