قال شيبة بن عثمان العبدريّ : اليوم أدرك ثأري ـ وكان أبوه قتل يوم أحد ـ اليوم أقتل محمدا. قال : فأدرت برسول الله لأقتله ، فأقبل شيء حتّى تغشّى فؤادي ، فلم أطق ، فعرفت أنه ممنوع (١).
وحدّثني عاصم ، عن عبد الرحمن ، عن أبيه : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين رأى من الناس ما رأى قال : «يا عباس ، اصرخ : يا معشر الأنصار ، يا أصحاب السّمرة» : فأجابوه : لبّيك لبيك. فجعل الرجل منهم يذهب ليعطف بعيره ، فلا يقدر على ذلك ، فيقذف (٢) درعه من عنقه ، ويؤمّ [١٠٣ أ] الصوت ، حتى اجتمع إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم منهم مائة. فاستعرضوا الناس ، فاقتتلوا. وكانت الدّعوة أوّل ما كانت للأنصار ، ثم جعلت آخرا بالخزرج ، وكانوا صبرا عند الحرب ، وأشرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم في ركائبه ، فنظر إلى مجتلد القوم فقال : «الآن حمي الوطيس». قال : فو الله ما رجعت راجعة الناس إلّا والأسارى عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فقتل الله من قتل منهم ، وانهزم من انهزم منهم ، وأفاء الله على رسوله أموالهم ونساءهم وأبناءهم (٣).
وقال ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة (٤). وقال موسى بن عقبة : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم خرج إلى حنين ، فخرج معه أهل مكة ، لم يتغادر منهم أحد ، ركبانا ومشاة ، حتى خرج النّساء مشاة (٥) ، ينظرون ويرجون الغنائم ، ولا يكرهون الصّدمة برسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه.
وقال ابن عقبة : جعل أبو سفيان كلّما سقط ترس أو سيف من الصحابة ،
__________________
(١) سيرة ابن هشام ٤ / ١٢٤.
(٢) في الأصل : «فنفذت». والتصحيح من ع ، ح.
(٣) سيرة ابن هشام ٤ / ١٢٥ ، المغازي للواقدي ٣ / ٨٩٩ ، ٩٠٠ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١٥١ ، تاريخ الطبري ٣ / ٧٦.
(٤) في المغازي ٢١٤.
(٥) في المغازي لعروة زيادة «على غير دين».