عبد الله بن يسار ، عن أبي عبد الرحمن الفهريّ ، قال : كنّا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حنين. فذكر الحديث ، وفيه : فحدّثني من كان أقرب إليه منّي أنه أخذ حفنة من تراب ، فحثا بها في وجوه القوم ، وقال : «شاهت الوجوه». قال يعلى ابن عطاء : فأخبرنا أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا : ما بقي منّا أحد إلّا امتلأت عيناه وفمه من التراب. وسمعنا صلصلة من السماء كمرّ الحديد على الطّست ، فهزمهم الله (١).
وقال عبد الواحد بن زياد ، ثنا الحارث بن حصيرة ، ثنا القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبيه قال : قال ابن مسعود : كنت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم حنين ، فولّى عنه الناس ، وبقيت معه في ثمانين رجلا من المهاجرين والأنصار ، وهم الذين أنزل الله عليهم السّكينة. قال : ورسول الله صلىاللهعليهوسلم على بغلته يمضي قدما ، فحادت البغلة فمال عن السّرج ، فشدّه نحوه ، فقلت : ارتفع ، رفعك الله. قال : «ناولني كفّا من تراب». فناولته ، فضرب به وجوههم ، فامتلأت أعينهم ترابا. قال : «أين المهاجرون والأنصار»؟ قلت : هم هاهنا. قال : «اهتف بهم». فهتفت بهم ، فجاءوا وسيوفهم بأيمانهم كأنّهم الشّهب وولّى المشركون أدبارهم (٢).
وقال البخاري في تاريخه (٣) : ثنا أبو عاصم ، ثنا عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي ، أخبرني عبد الله بن عياض بن الحارث ، عن أبيه : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أتى هوازن في اثني عشر ألفا ، فقتل من أهل الطّائف يوم حنين مثل من قتل يوم بدر. وأخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كفا من حصباء فرمى به وجوهنا ، فانهزمنا.
__________________
(١) منحة المعبود : كتاب السيرة النبويّة ، باب غزوة هوازن يوم حنين (٢ / ١٠٧) ، وأخرجه أحمد في المسند ٢ / ٢٢٢ ، وابن سعد في الطبقات ٢ / ١٥٦.
(٢) رواه أحمد في المسند ١ / ٤٥٣ ، ٤٥٤.
(٣) التاريخ الكبير ٤ / ١٩.