وقال شعيب ، وغيره ، عن الزهري ، حدّثني أنس ، أنّ ناسا من الأنصار قالوا : يا رسول الله ، حين أفاء الله عليهم من أموال هوازن ما أفاءه ، فطفق يعطي رجالا من قريش المائة من الإبل ، فقالوا : يغفر الله لرسول الله ، يعطي قريشا ويدعنا ، وسيوفنا تقطر من دمائهم. فبلغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فجمعهم في قبّة من أدم ، ولم يدع معهم أحدا غيرهم. فلما اجتمعوا قال : ما حديث بلغني عنكم؟ فقال له فقهاؤهم : أمّا ذوو رأينا فلم يقولوا شيئا. فقال : «فإنّي أعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتألّفهم. أفلا ترضون أن يذهب الناس بالأموال ، وترجعون إلى رحالكم برسول الله؟ فو الله ما تنقلبون به خير مما ينقلبون به». قالوا : قد رضينا. فقال : «إنكم ستجدون بعدي أثرة (١) شديدة ، فاصبروا (٢) حتى تلقوا الله ، ورسوله على الحوض». قال أنس : فلم نصبر. متّفق عليه (٣).
وقال ابن إسحاق : حدّثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد ، عن أبي سعيد ، قال : لما قسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم للمتألّفين من قريش ، وفي سائر العرب ، ولم يكن في الأنصار [منها] (٤) قليل ولا كثير ، وجدوا في أنفسهم. وذكر نحو حديث أنس (٥).
وقال ابن عيينة ، عن عمر بن سعيد بن مسروق ، عن أبيه ، عن عباية بن رفاعة بن (٦) رافع بن خديج ، عن جدّه ، أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أعطى المؤلّفة
__________________
(١) الأثرة : الاستئثار والانفراد بالشيء. والمقصود هنا استئثار أمراء الجور بالفيء.
(٢) في الأصل : «فاصطبروا». والمثبت عن ع ، ح.
(٣) صحيح البخاري : كتاب فرض الخمس ، باب ما كان النبي صلىاللهعليهوسلم يعطي المؤلّفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه (٤ / ١١٤ ـ ١١٥). وصحيح مسلم : كتاب الزكاة ، باب إعطاء المؤلّفة قلوبهم على الإسلام إلخ (١٣٢ / ١٠٥٩).
(٤) سقطت من الأصل ، وأثبتناها من ع ، ح.
(٥) سيرة ابن هشام ٤ / ١٥٦ ، المغازي للواقدي ٣ / ٩٥٦ ، تاريخ الطبري ٣ / ٩٣.
(٦) في النسخ الثلاث : «أن» وفي صحيح مسلم : عن ، دون جملة «عن جده». والمثبت موافق لما في المغازي لعروة ٢١٨.