وأعطى العلاء [١٠٨ ب] بن حارثة مائة ناقة ، وأعطى مالك بن عوف مائة ناقة ، وردّ إليه أهله ، وأعطى عيينة بن بدر الفزاريّ مائة ناقة ، وأعطى عبّاس بن مرداس كسوة.
فقال عبد الله بن أبيّ بن سلول للأنصار : قد كنت أخبركم أنّكم ستلون حرّها ويلي بردها غيركم. فتكلّمت الأنصار فقالوا : يا رسول الله ، عمّ هذه الأثرة؟ فقال : «يا معشر الأنصار ، ألم أجدكم مفترقين فجمعكم الله ، وضلّالا فهداكم الله ، ومخذولين فنصركم الله». ثم قال : «والّذي نفسي بيده ، لو (١) تشاءون لقلتم ثم لصدقتم ولصدّقتم : ألم نجدك مكذّبا فصدّقناك ، ومخذولا فنصرناك ، وطريدا فآويناك ، ومحتاجا فواسيناك». قالوا : لا نقول ذلك ، إنّما الفضل من الله ورسوله والنصر من الله ورسوله. ولكنّا أحببنا أن نعلم فيم هذه الأثرة؟ قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قوم حديثو عهد بعزّ وملك ، فأصابتهم نكبة فضعضعتهم ولم يفقهوا كيف الإيمان ، فأتألّفهم. حتى إذا علموا كيف الإيمان وفقهوا فيه علّمتهم (٢) كيف القسم وأين موضعه». وساق باقي الحديث (٣).
وقال جرير بن عبد الحميد ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : لمّا كان يوم حنين آثر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ناسا في القسمة ، فأعطى الأقرع مائة من الإبل ، وأعطى عيينة مثل ذلك ، وأعطى ناسا من أشراف العرب وآثرهم يومئذ ، فقال رجل : والله إنّ هذه لقسمة ما عدل فيها وما أريد بها وجه الله. فقلت : والله لأخبرنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فأتيته فأخبرته ، فتغيّر وجهه حتى صار كالصّرف (٤) ، وقال : «فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟» ثم قال :
__________________
(١) في الأصل «لقد» والتصحيح من نسختي (ع) و (ح).
(٢) في ع ، ح : علمتم.
(٣) انظر سيرة ابن هشام ٤ / ١٥٦ ، ١٥٧ ، والمغازي للواقدي ٣ / ٩٥٧ ، ٩٥٨ ، وتاريخ الطبري ٣ / ٩٣ ، ٩٤ ، والمغازي لعروة ٢١٩ ، وفتح الباري ٨ / ٥١.
(٤) الصرف : صبغ أحمر يشبه به الدم فيقال دم صرف.