هذا أم للأبد؟ قال فشبّك أصابعه وقال : «دخلت العمرة مع الحجّ هكذا ، مرّتين ، لا ، بل لأبد الأبد».
وقدم عليّ ، رضياللهعنه ، من اليمن ببدن إلى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فوجد فاطمة ممّن حلّ ولبست ثيابا صبيغا واكتحلت ، فأنكر عليها. فقالت : أبي أمرني بهذا. فكان عليّ يقول بالعراق : فذهبت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم محرّشا بالذي صنعته ، مستفتيا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «صدقت ، صدقت. ما ذا قلت حين فرضت الحج؟» قال ، قلت : اللهمّ إنّي أهلّ بما أهلّ به رسولك. قال : «فإنّ معي الهدي فلا تحلل». قال : فكان الهدي الّذي جاء معه ، والهدي الّذي أتى به النبيّ صلىاللهعليهوسلم من المدينة مائة.
ثم حل الناس وقصّروا ، إلّا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ومن معه هدي.
فلما كان يوم التّروية وجّهوا إلى مني ، أهلّوا بالحجّ ، وركب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فصلّى بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح. ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس ، وأمر بقبة من شعر فضربت له بنمرة (١) ، فسار رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولا تشكّ قريش إلّا أنه واقف عند المشعر الحرام ، كما كانت قريش تصنع في الجاهليّة ، فأجازه رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى أتى عرفة (٢) ، فوجد القبّة [قد ضربت له بنمرة] (٣) فنزل بها ، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت (٤) له ، فركب حتى أتى بطن الوادي ، فخطب الناس فقال.
«إنّ دماءكم وأموالكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم
__________________
(١) نمرة : ناحة بعرفة. ونقل ياقوت أن الحرم من طريق الطائف على طرف عرفة من نمرة على أحد عشر ميلا. وقيل : نمرة الجبل الّذي عليه أنصاب الحرم عن يمينك إذا خرجت من المأزمين تريد الموقف (معجم البلدان ٥ / ٣٠٤).
(٢) في ع ، ح : «حتى أتى نمرة». والمثبت يتفق مع صحيح مسلم.
(٣) زيادة من صحيح مسلم للتوضيح.
(٤) رحلت : أي وضع عليها الرحل.