قريش ، [١٢ ب] وممّن يؤذي المسلمين. وكان ابنه وهيب في الأسرى. فذكر أصحاب القليب ومصابهم. فقال صفوان : والله إنّ في العيش بعدهم لخير (١) فقال عمير : صدقت ، والله لو لا دين عليّ ليس عندي له قضاء ، وعيال أخشى عليهم ، لركبت إلى محمد حتى أقتله ، فإنّ لي فيهم علّة ، ابني أسير في أيديهم. فاغتنمها صفوان فقال : عليّ دينك وعيالك. قال : فأكتم عليّ. ثم شحذ سيفه وسمّه ، ومضى إلى المدينة.
فبينا عمر في نفر من المسلمين يتحدّثون عن يوم بدر ، إذ نظر عمر رضياللهعنه إلى عمير حين أناخ على باب المسجد متوشّحا بالسّيف. فقال : هذا الكلب عدوّ الله عمير ، وهو الّذي حزرنا يوم بدر. ثم دخل على النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : هذا عمير. قال : أدخله عليّ. فأقبل عمر (٢) حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه (٣) ، فلبّبه به (٤) ، وقال لرجال ممّن كانوا معه من الأنصار : ادخلوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاجلسوا عنده واحذروا عليه هذا الخبيث. ثم دخل به فقال : أرسله يا عمر ، أدن يا عمير. فدنا ، ثم قال : انعموا صباحا ، قال : فما جاء بك؟ قال : جئت لهذا الأسير الّذي في أيديكم. قال : فما بال السيف في عنقك؟ قال : قبّحها الله من سيوف ، وهل أغنت شيئا؟ قال : اصدقني ما الّذي جئت له؟ قال : ما جئت إلّا لذلك. قال : بلى ، قعدت أنت وصفوان في الحجر. وقصّ له ما قالا. فقال : أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّك رسوله. قد كنّا يا رسول الله نكذّبك بما تأتينا به من خبر السّماء ، وهذا أمر لم يحضره إلّا أنا وصفوان فو الله [إنّي] (٥)
__________________
(١) في ح : (والله إنّ ما في العيش بعدهم خير).
(٢) في ح : (فأقبل عمر على عمير).
(٣) في ح : (وهو في عنقه) وحمّالة السيف علّاقته التي يحمل منها.
(٤) لبّبه تلبيبا : إذا جمع ثوبه عند نحره وقبضه إليه. (تاج العروس ٤ / ١٩١).
(٥) في الأصل ، ع : (فو الله لأعلم). وفي ح : (فو الله إنّي لا أعلم). والزيادة من السيرة لابن هشام ٣ / ٧١ وعيون الأثر لابن سيّد النّاس (١ / ٢٧٠).