سبحانه على عبده يوسف ، ليس النبوة ، بل الحاكمية ، حيث صار أمينا مكينا في الأرض. فقوله : (وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) ، إشارة إلى نبوته ، والملك إشارة إلى سلطته وقدرته.
٢ ـ ويقول سبحانه في داود عليهالسلام : (وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ) (١). ويقول سبحانه : (وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ) (٢).
٣ ـ ويحكي الله تعالى عن سليمان أنّه قال : (وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (٣).
فملاحظة هذه الآيات يفسّر لنا حقيقة الإمامة ، وذلك بفضل الأمور التالية.
أ ـ إنّ إبراهيم طلب الإمامة لذريته ، وقد أجاب سبحانه دعوته في بعضهم.
ب ـ إنّ مجموعة من ذريته ، كيوسف وداود وسليمان ، نالوا ـ وراء النبوة والرسالة ـ منصب الحكومة والقيادة.
ج ـ إنّه سبحانه أعطى آل إبراهيم الكتاب ، والحكمة ، والملك العظيم.
فمن ضمّ هذه الأمور بعضها إلى بعض ، يخرج بهذه النتيجة : إنّ ملاك الإمامة في ذريّة إبراهيم ، هو قيادتهم وحكمهم في المجتمع ، وهذه هي حقيقة الإمامة ، غير أنّها ربما تجتمع مع المقامين الآخرين ، كما في الخليل ، ويوسف ، وداود ، وسليمان ، وغيرهم ، وربما تنفصل عنهما ، كما في قوله سبحانه : (وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً ، قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ ، وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ ، قالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ٢٥١.
(٢) سورة ص : الآية ٢٠.
(٣) سورة ص : الآية ٣٥.