ولكنه سبحانه خصّص إرادته في الآية المبحوث عنها ، بجمع خاص ، تجمعهم كلمة أهل البيت ، وخصّهم بالخطاب وقال : عنكم أهل البيت ، أي لا غيركم ، فتخصيص الإرادة بجمع خاص على الوجه المذكور ، يمنع من تفسيرها بالتشريعية.
٢ ـ إنّ العناية البارزة في الآية المباركة ، أقوى شاهد على أنّ المقصود هو التكوينية ، لوضوح أنّ تعلّق الإرادة التشريعية لا يحتاج إلى العنايات التالية :
أ ـ ابتدأ سبحانه كلامه بلفظ الحصر ، وقال : (إِنَّما) ، ولا معنى للحصر إذا كانت تشريعية ، لعمومها لكلّ مكلّف.
ب ـ عيّن تعالى متعلّق إرادته بصورة الاختصاص ، فقال : (أَهْلَ الْبَيْتِ) ، وهو منصوب على الاختصاص (١). أي أخصّكم أهل البيت.
ج ـ قد بيّن متعلق إرادته بالتأكيد ، وقال بعد قوله : (لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ) ، (يُطَهِّرَكُمْ).
د ـ قد أكّده بالإتيان بمصدره بعد الفعل ، وقال : (وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ، ليكون أوفى في التأكيد.
ه ـ إنّه سبحانه قد أتى بالمصدر نكرة ، ليدلّ على الإكبار والإعجاب ، أي تطهيرا عظيما معجبا.
و ـ إنّ الآية في مقام المدح والثناء ، فلو كانت الإرادة تشريعية ، لما ناسب الثناء والمدح.
وعلى الجملة : العناية البارزة في الآية ، تدلّ بوضوح على أنّ الإرادة في المقام تغاير الإرادة العامة المتعلقة بكلّ إنسان حاضر ، أو باد. وللمحققين من الشيعة الإمامية كلمات وافية حول الآية تلاحظ في مواضعها (٢).
__________________
(١) الاختصاص من أقسام المنادى ، يقول ابن مالك :
الاختصاص كنداء دون يا |
|
كأيّها الفتى بإثر ارجونيا |
(٢) تفسير التبيان ، للشيخ الطوسي ، (ت ٣٨٣ ـ م ٤٦٠) ، ج ٨ ، ص ٣٤٠. ومجمع البيان ، ـ