وقال سبحانه : (كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (١).
فلو وصف العمل القبيح بالرجس ، فلأنّه عمل قذر ، تتنفر منه الطباع السليمة.
وعلى ضوء هذا ، فالمراد من الرّجس في الآية ، كلّ عمل قبيح عرفا أو شرعا ، لا تقبله الطباع ، ولذلك قال سبحانه بعد تلك اللفظة ، (وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ، فليس المراد من التطهير ، إلّا تطهيرهم من الرجس المعنوي الذي تعدّ المعاصي والمآثم من أظهر مصاديقه.
وقد ورد نظير الآية في حق السيدة مريم قال سبحانه : (إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ) (٢).
ومن المعلوم أنّ تعلّق الإرادة التكوينية على إذهاب كلّ رجس وقذارة ، وكلّ عمل منفّر عرفا أو شرعا ، يجعل من تعلّقت به الإرادة ، إنسانا مثاليا ، نزيها عن كل عيب وشين ، ووصمة عار (٣).
* * *
إلى هنا ظهر بوضوح أنّ العصمة شرط للإمام بالمعنى الذي يتبناه الإمامية في مجال الإمامة ، والآيتان الأوليان تدلّان على عصمة الإمام مطلقا ، والآية الثالثة تدلّ على عصمة أهل البيت الذين نزلت فيهم الآية وفسّرت في غير واحد من الروايات ، وهم من كان إماما وخليفة للرسول كعلي والحسنين عليهماالسلام ، ومن كانت طاهرة مطهّرة كالسيدة فاطمة الزهراءعليهاالسلام ، وإن لم تكن إماما.
* * *
بقيت هنا أبحاث موجودة في كتب الإمامة للشيعة الإمامية ، طوينا البحث
__________________
(١) سورة الأنعام : الآية ١٢٥.
(٢) سورة آل عمران : الآية ٤٢.
(٣) وحول الآية أبحاث لطيفة ، فمن أراد التبسّط فليرجع إلى المصدر الذي تقدّم الإيعاز إليه.