خروجها من البدن ، لها علاقة به ، وسوف ترجع إليه ، ولذلك كانوا يتركون في القبور منافذ ليسهل دخول الروح إليها ، ويضعون بعض الطعام والشراب في جنب الميت. ولأجل صيانة الموتى عن أذى السباع ، قام المتمكنون منهم ببناء الأهرام العظيمة فوق قبورهم.
٣ ـ عند البراهمة تثليث تحيّلوه منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة ، وأطرافه الثلاثة : براهما ، وفيشنو ، وسيفا. فبراهما هو الإله الخالق ، وفيشنو الإله الحافظ ، وسيفا الإله الهادم. والتناسخ احتلّ في الديانة البراهمية مكان الاعتقاد بالمعاد ، ويراد منه رجوع الروح بعد انحلال جسدها إلى العالم الأرضي متلبسة بجسد جديد ، إنساني أو حيواني (١). فالاعتقاد بالتناسخ صورة منسوخة من العقيدة بالمعاد ، وإرضاء لفطرة الإنسان في حب البقاء.
٤ ـ إنّ مسلك البوذية الذي أسسه بوذا ، غير خال عن عود الأرواح إلى الأبدان عودا تناسخيا ، فإنّ لهذا المذهب ، دعائم وأسس منها : «الألم من لوازم الوجود» ، ومنها : «الرجوع إلى هذه الدنيا بسبب الالتياث بالشهوات في حياة سابقة» ، ومنها : «الخلاص من أثر الشهوات هو الوسيلة الوحيدة للنجاة من الحياة الأرضية بعد الموت ، وتلك النجاة هي نجاة من الألم ، وسبب للوصول إلى مكانة» (٢) ..
٥ ـ وعند المجوس أيضا فإنّ الاعتقاد ببقاء الروح بعد الموت ومجازات الإنسان حسب أعماله ، من الأصول الأصيلة في ديانتهم ، حتى أنّ بعض المرجفين في الكلام (٣) تصوّر أنّ تعاليم التوراة والمسيح في المعاد مأخوذة من تلك الديانة ، ولكن عزب عنه أنّ المجوسية ، إن كانت شريعة سماوية ، يجب أن تشترك مع سائر الشرائع في الأصول ، وليست وحدة الأصول فيها ، دليلا على أخذ المتأخر من المتقدم ، فإنّ الشريعة فيض سماوي ، أفيض من السماء إلى الإنسان الأرضي في
__________________
(١) لاحظ دائرة المعارف لفريد وجدي ، ج ٢ ، ص ١٥٥ و ١٦١.
(٢) دائرة المعارف لفريد وجدي ، ج ٢ ، ص ٣٨٨.
(٣) الكاتب الفارسي حميد نير نوري في كتابه : «مساهمة الإيرانيين في الحضارة العالمية» ، ص ٢٢٨.