بدء الخلقة ، وفي ذلك يقول سبحانه : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ...) (١).
ويقول : (مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى) (٢).
وثانيتهما : إنّ الأرض الميتة تحيا كلّ سنة بنزول الماء عليها فتهتز وتربو بعد جفافها ، وتنبت من كل زوج بهيج ، يقول سبحانه : (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا ، عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ ، وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ* ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ ، وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى ، وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها ، وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) (٣).
ويقول سبحانه : (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ، حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ ، كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (٤).
فليس إحياء الإنسان من التراب إلّا كإحياء التراب الميت ، باخضرار نباته ، وازهرار أشجاره.
وبهذه النماذج المحسوسة يثبت القرآن عموم قدرته تعالى ، مضافا إلى البراهين العقلية على عموم قدرته تعالى شأنه.
جواب الشبهة الثانية ـ العلم المطلق والتعرف على الأجزاء المندثرة
إنّ هذه الشبهة وسابقتها ، لهما منشأ واحد هو عدم التعرف على الله سبحانه : صفاته وأفعاله ، وهنا يقولون إنّ الأجزاء المتلاشية المبعثرة في أكناف
__________________
(١) سورة الحج : الآية ٥.
(٢) سورة طه : الآية ٥٥.
(٣) سورة الحج : الآيات ٥ ـ ٧.
(٤) سورة الأعراف : الآية ٥٧. ولاحظ الزخرف : الآية ١١ ، الروم : الآية ١٩ ، سورة فاطر : الآية ٩ ، سورة ق : الآيات ٩ ـ ١١.