يستجمع شرائطها من غير بيعة واستخلاف ، وقهر الناس بشوكته ، انعقدت الخلافة له وكذا إذا كان فاسقا أو جاهلا على الأظهر» (١).
يلاحظ على هذه الأقوال والنظريات
أولا ـ إنّ موقف أصحاب هذه الأقوال في المسألة ، موقف من اعتقد بصحة خلافة الخلفاء ، فاستدلّ به على ما يرتئيه من الرأي ، من انعقادها بواحد أو اثنين ، أو اتّفاق من تيسّر حضوره ، دون النائين من الصحابة ، وغير ذلك.
وهذا النّمط من الاستدلال ، استدلال بالمدّعى على نفس المدّعى ، وهو دور واضح. والعجب من هؤلاء الأعلام كيف سكتوا عن الاعتراضات الهائلة التي توجهت من نفس الصحابة من الأنصار والمهاجرين على خلافة الخلفاء ، الذين تمّت بيعتهم ، ببيعة الخمسة في السقيفة ، أو بيعة أبي بكر لعمر ، أو بشورى السّتّة ، فإنّ من كان ملمّا بالتاريخ ومهتما به ، يرى كيف كانت عقيرة كثير من الصحابة مرتفعة بالاعتراض. حتى أنّ الزبير وقف في السقيفة أمام المبايعين ، وقد اخترط سيفه ، وهو يقول : «لا أغمده حتى يبايع عليّ». فقال عمر : «عليكم الكلب»!. فأخذ سيفه من يده ، وضرب به الحجر ، وكسر (٢).
ويكفي في ذلك قول الطبري أنّه قام الحباب بن المنذر ـ وانتضى سيفه ـ وقال : «أنا جذيلها المحكّك ، وعذيقها المرجّب ، أنا أبو شبل ، في عرينة الأسد ، يعزى إليّ الأسد ، فحامله عمر ، فضرب يده ، فندر السيف ، فأخذه ، ثم وثب على سعد (بن عبادة) ووثبوا على سعده وتتابع القوم على البيعة ، وبايع سعد ، وكانت فلتة كفلتات الجاهلية ، قام أبو بكر دونها ، وقال قائل حين أوطئ سعد : قتلتم سعدا. فقال عمر : قتله الله ، إنّه منافق. واعترض عمر بالسيف صخرة فقطعه (٣).
__________________
(١) شرح المقاصد ، ج ٢ ، ص ٢٧٢ ، ط اسطنبول.
(٢) الإمامة والسياسة ، ج ١ ، ص ١١.
(٣) تاريخ الطبري ، حوادث عام ١١ ، ج ٢ ، ص ٤٥٩. وفي رواية أخرى للطبري أنّ عمر قام على ـ