تعربان عن اللذات والآلام العقلية التي تدركها الروح بلا حاجة إلى الجسم والبدن.
٣ ـ الحسرة يوم القيامة
يقول سبحانه : (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا ، وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ* وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ ، وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ) (١).
إن أصحاب الجحيم عند ما يقفون على درجات الجنة ومقامات أصحابها ، وما حلّ بهم من السعادة والكرامة والراحة والاستظلال برحمة الله تبارك وتعالى ، وتفرغهم عن كل همّ وحزن ، ثم ينظرون إلى ما حلّ بهم من عذاب أليم ، وطعام من غسلين (٢) ، وضريع (٣) ، وشراب من حميم (٤) ، يتحسرون على ما ضيّعوا من الفرض ، ويندمون على ما فوّتوا في الدنيا وفرطوا في حياتهم ، ولكنها الحسرة في وقت لا تنفع فيه.
وهذا النوع من العذاب ـ أعني الحسرة ـ أشد على النفس مما يحل بها من عذاب البدن ، ولأجل ذلك يسمى يوم القيامة بيوم الحسرة ، قال سبحانه : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٥).
روى أبو سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إذا دخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، قيل يا أهل الجنة ، فيشرئبون وينظرون ، وقيل يا أهل النار ، فيشرئبون وينظرون ، فيجاء بالموت ، كأنّه كبش أملح ، فيقال لهم : تعرفون الموت ، فيقولون : «هذا ، هذا» وكلّ قد عرفه ،
__________________
(١) سورة البقرة : الآيتان ١٦٦ و ١٦٧.
(٢) سورة الحاقة : الآية ٣٦.
(٣) سورة الغاشية : الآية ٦.
(٤) سورة الأنعام : الآية ٧٠.
(٥) سورة مريم : الآية ٣٩.