روى مسلم أنّه قال رسول الله : إنّ الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات : خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف في جزيرة العرب ، والدخان ، والدجّال ، ودابّة الأرض ، ويأجوج ومأجوج ، وطلوع الشمس من مغربها ، ونار تخرج من قعر عدن ترحل الناس» (١)
إنما الكلام في الآية الثانية ، والحق أنّها ظاهرة في حوادث قبل يوم القيامة ، وذلك لأنّ الآية تركز على حشر فوج من كل جماعة بمعنى عدم حشر الناس جميعا ، ومن المعلوم أنّ الحشر ليوم القيامة يتعلق بالجميع ، لا بالبعض ، يقول سبحانه : (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ ، فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) (٢) أفبعد هذا التصريح ، يمكن تفسير ظرف الآية بيوم البعث والقيامة؟.
وهناك قرينتان أخريان ، تحقّقان ظرفها لنا ، إن كنّا شاكين ، وهما :
أوّلا ـ إنّ الآية المتقدمة عليها تذكر للناس علامة من علامات القيامة ، وهي خروج دابة الأرض ، ومن الطبيعي ، بعد ذلك أنّ حشر جماعة من الناس يرتبط بهذا الشأن.
ثانيا ـ ورد الحديث في تلك السورة عن القيامة في الآية السابعة والثمانين ، أي بعد ثلاث آيات ، قال سبحانه : (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) (٣).
وهذا يعرب عن أنّ ظرف ما تقدم عليها من الحوادث يتعلق بما قبل هذا اليوم ، ويحقّق أنّ حشر فوج من الذين يكذبون بآيات الله يحدث حتما قبل يوم القيامة ، وهو من أشراط هذا اليوم ، وسيقع في الوقت الذي تخرج فيها دابة من الأرض تكلم الناس.
ومن العجب قول الرازي بأنّ حشر فوج كل من أمّة سيقع بعد قيام
__________________
(١) صحيح مسلم ، ج ٨ ، كتاب الفتن ، وأشراط الساعة ، باب في الآيات التي تكون قبل الساعة ، ص ١٧٩.
(٢) سورة الكهف : الآية ٤٧.
(٣) سورة النمل : الآية ٨٧.