فالمعتزلة على الأوّل ، والأشاعرة والإمامية على الثاني.
استدل المعتزلة بوجهين :
١ ـ إنّ العاصي قد بذل وسعه في التلافي ، فيسقط عقابه ، كمن بالغ في الاعتذار إلى من أساء إليه ، فإنه يسقط ذمه بالضرورة (١).
وبعبارة أخرى : إن من أساء إلى غيره واعتذر إليه بأنواع الاعتذارات ، وعرف منه الإقلاع عن تلك الإساءة بالكلية فالعقلاء يذمون المظلوم ، إذا ذمّه بعد ذلك (٢).
٢ ـ لو لم يجب إسقاط العقاب لم يحسن تكليف العاصي ، والتالي باطل إجماعا ، فالمقدّم مثله.
بيان الشرطية : إن التكليف إنما يحسن للتعريض للنفع. وبوجوب العقاب قطعا لا يحصل الثواب ، وبغير التوبة لا يسقط العقاب ، فلا يبقى للعاصي طريق إلى إسقاط العقاب عنه ، ويستحيل اجتماع الثواب والعقاب فيكون التكليف قبيحا (٣).
يلاحظ على الأول ، بأنه لا يجب في منطق العقل قبول المعذرة ، بل المظلوم في خيرة بين القبول والصفح ، وليس رفض المعذرة مخالفا للحكمة والعدل حتى يجب على الله سبحانه.
وأما الثاني ، فيلاحظ عليه أنّه مبني على الأصل الذي اختاره المعتزلة من أنّ مرتكب الكبيرة مخلّد في النار ، وهو لا يجتمع مع الثواب المترتب على التكليف ، فاستدلوا بأنّه لو لم تقبل توبته لوجب أن يخلد في النار (ولو بمعصية واحدة) وهو لا يجتمع مع الثواب ، فيلزم سقوط تكليف العاصي. ولكنّ الأصل مردود لما قلنا من
__________________
(١) شرح المقاصد ، ج ٢ ص ٢٤٢.
(٢) كشف المراد ، ص ٢٦٨. ولاحظ شرح الأصول الخمسة ، ص ٧٩٨.
(٣) كشف المراد ، ص ٢٦٨ ط صيدا. ولاحظ شرح المقاصد ، ج ٢ ، ص ٢٤٢.