الذنوب التي تنزل النقم ، اللهمّ اغفر لي الذنوب التي تغيّر النّعم ، اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء».
وإن شئت قلت : إنّ التوبة خوفا من النار ، لا تنفك عن الاعتقاد بكون ما فعل أمرا قبيحا شرعا.
وبالجملة ، فالآيات والروايات الواردة حول التوبة مطلقة ، تعم كل توبة يصدق عليها أنها رجوع إلى الله. وفي حديث يبين علي عليهالسلام موقف العباد في عبادة الله تعالى ، ويقسمهم إلى ثلاثة أقسام ، يقول :
«إن قوما عبدوا الله رغبة ، فتلك عبادة التجار ، وإنّ قوما عبدوا الله رهبة ، فتلك عبادة العبيد ، وإنّ قوما عبدوا الله شكرا ، فتلك عبادة الأحرار» (١).
وحينئذ ، فكما أنّه تقبل عبادة العباد ، رغبة ورهبة ، تقبل توبتهم أيضا إذا كانت كذلك.
ولا معنى للتفكيك بين قبول عبادتهم وقبول توبتهم ، ولا أجد فقيها يفتى ببطلان عبادة من عبده سبحانه لإحدى الغايتين ، أو كليهما. كيف وهو سبحانه يصف أنبياءه العظام بقوله : (إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ)(٢).
وأما الاستدلال على أنّ المسقط ليس هو نفس التوبة ، بل كثرة الثواب بعدها بأنها لو أسقطت العقاب بذاتها ، لأسقطته في حال المعاينة ، وفي الدار الآخرة (٣) ؛ فيلاحظ عليه أنّ التوبة إنما تقبل لأنها تؤثر في النفس الإنسانية ، فتصلحها ، أو تعدّها للصلاح ، وهذا إنما يتصور فيما إذا كان الإنسان قادرا على الفعل والترك ، وأما في حال المعاينة أو دار الآخرة ، فالقدرة مسلوبة عن الإنسان هذا.
__________________
(١) نهج البلاغة : قسم الحكم ، الرقم ٢٣٧.
(٢) سورة الأنبياء : الآية ٩٠.
(٣) كشف المراد ، ص ٢٦٨.