القبائح لا تتبعض لزم أنّ لا تكون توبته مقبولة ، وهو خرق للإجماع ، وإلى هذا ينظر قول المحقق الطوسي ، «وإلا لو لا التبعيض ، لزم الحكم ببقاء الكفر على التائب منه المقيم على صغيرة» (١).
والعجب أنّ القاضي عبد الجبار استحسن قول أبي هاشم وأراد التخلص عن هذا الإشكال فقال : إنه لا يسقط من عقوبته شيء لأنه لم يأت بما يسقط العقوبة عامة ، فبقيت عقوبته كما كانت ، نعم ، لا يجري عليه أحكام اليهود (٢).
كيف يقول لا يسقط من عقوبته شيء مع أنّه كان كافرا فصار مؤمنا ، والإيمان يكفر الشرك وعقوبته باتفاق المسلمين ، فالقول ببقاء عقوبة الشرك مع أنّه صار مؤمنا بحجة أنّه لم يزل يرتكب صغيرة ، مخالف لنص الآيات واتفاق المسلمين ، ومعاملة النبي للمشركين الذين آمنوا ، ولو كان رفع العقوبة مقيّدا بعدم الإصرار على صغيرة ، من الذنوب التي كان يرتكبها المشرك ، لأصحر به النبي وبيّنه.
بقي هنا أبحاث طفيفة في التوبة ، يظهر حالها مما أوضحناه (٣). نسأله سبحانه أن يتوب علينا ، ويكتب الغفران في صحائف أعمالنا ، بفضله وكرمه.
* * *
__________________
(١) المصدر السابق نفسه.
(٢) شرح الأصول الخمسة ، ص ٧٩٧.
(٣) مثل ما إذا اغتاب إنسان رجلا ، فهل يجب عليه الاعتذار منه ، خاصة إذا بلغته الغيبة ـ أو لا؟
وهذه مسألة فقهية.
وإذا كان التائب عالما بذنوبه على التفصيل فهل يجب التوبة عن كل واحدة منها ، أو تكفي التوبة عنها إجمالا؟
وهل يجب تجديد التوبة ، كلما تذكر التائب ، معصيته السابقة؟
وغير ذلك مما ذكره المتكلمون ، لاحظ التجريد وشروحه ، في التوبة ، المسألة الحادية عشر.