يقول صلىاللهعليهوآله : «إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم ، فعليكم بالقرآن ، فإنه شافع مشفّع» (١).
فالشفاعة هنا بنفس معناها اللغوي ، وذلك أنّ المكلّف يضم هداية القرآن وتوجيهات الأنبياء والأئمة ، إلى إرادته وسعيه ، فيفوز بالسعادة الأخروية.
وهذا غير الشفاعة المصطلحة فإنّ ظرفها هو الحياة الأخروية ، فبين الشفاعتين بون بعيد.
٣ ـ الشفاعة المصطلحة
حقيقة هذه الشفاعة لا تعني إلا أن تصل رحمته سبحانه ومغفرته وفيضه إلى عباده عن طريق أوليائه وصفوة عباده ، وليس هذا بأمر غريب فكما أنّ الهداية الإلهية التي هي من فيوضه سبحانه ، تصل إلى عباده في هذه الدنيا عن طريق أنبيائه وكتبه ، فهكذا تصل مغفرته سبحانه إلى المذنبين والعصاة من عباده ، يوم القيامة ، عن ذلك الطريق ولا بعد في أن يصل غفرانه سبحانه إلى عباده يوم القيامة ، عن طريق عباده ، فإنه سبحانه قد جعل دعاءهم في الحياة الدنيوية سببا لذلك وقال :
(وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) (٢).
وتتضح هذه الحقيقة إذا وقفنا على أنّ الدعاء بقول مطلق ، وبخاصة دعاء الصالحين ، من المؤثرات الواقعة في سلسلة نظام العلة والمعلول ، ولا تنحصر العلة في المحسوس منها ، فإنّ في الكون مؤثرات خارجة عن إحساسنا وحواسنا ، بل قد تكون بعيدة عن تفكيرنا ، وإليه يشير قوله سبحانه : (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) (٣).
__________________
(١) الكافي ، ج ٢ ص ٢٣٨.
(٢) سورة النساء : الآية ٦٤ ولاحظ يوسف : الآية ٩٧ و ٩٨ ، التوبة : الآية ١٠٣.
(٣) سورة النازعات : الآية ٥.