وبذلك يعلم أنّ التقية مشروعة ، ولكن لها حدود ولها أحكام ، فكما أنّها تجب ، فربما تحرم ، والتفصيل موكول إلى محله (١).
٣ ـ وجوبهما عيني أو كفائي؟
الظاهر ، كما هو المعروف ، كون وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كفائيا ، لأنّ الغرض شرعا هو وقوع المعروف وارتفاع المنكر ، من غير اعتبار مباشر معين ، وهذا آية كون الوجوب كفائيا ، فإذا حصلا ، ارتفع الوجوب.
والاستدلال على وجوبهما عينا بالعمومات ، مثل قوله سبحانه : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) (٢) ، غير كاف ، لأنّ الواجب الكفائي ، يشترك مع الواجب العيني في كون الشيء واجبا على العموم ، إلا أنه يسقط بفعل واحد من المكلفين ، بخلاف العيني. فتوجه الخطاب إلى العموم ، مشترك بين العيني والكفائي.
٤ ـ مراتبهما
إنّ للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مراتب تبتدئ بالقلب فاللسان فاليد ، وتنتهي بإجراء الحدود والتعزيرات والجهاد.
قال الإمام الباقر عليهالسلام : «فأنكروا بقلوبكم ، والفظوا بألسنتكم ، وصكوا بها جباههم ، ولا تخافوا في الله لومة لائم» (٣).
وبهذا يصبح الأمر بالمعروف على قسمين : قسم لا يحتاج إلى جهاز وقدرة ، وهذا ما يرجع إلى عامة الناس ، وهو كالإنكار بالقلب ، والتذكير أو النهي باللفظ. وقسم يحتاج إلى الجهاز والقوة ، ويتوقف على صدور الحكم من المحاكم
__________________
(١) لاحظ رسالة الأستاذ الفقهية في التقية ، فقد أثبت أنّ التقية ربما تحرم إذا كان الفساد في تركها أوسع وسيوافيك بحث التقية في الخاتمة.
(٢) سورة آل عمران : الآية ١١٠.
(٣) الوسائل ، ج ١١ ، كتاب الجهاد ، الباب الثالث من أبواب الأمر بالمعروف ، الحديث ٢.