وهذا صحيح لو كان اللطف المقرب واجبا ، ولكنك عرفت أنّ وجوبه غير ثابت ، وإنما الثابت هو اللطف المحصّل للغرض (١).
٢ ـ شرائط وجوبهما
قد فصّل الفقهاء والمتكلمون الكلام في شرائط وجوبهما ، وإليك بيانها.
أ ـ علم فاعلهما بالمعروف والمنكر.
ب ـ تجويز التأثير ، فلو علم أنهما لا يؤثران لم يجبا.
ج ـ انتفاء المضرّة ، فلو علم أو غلب على ظنه حصول مفسدة له أو لبعض إخوانه في أمره ونهيه ، سقط وجوبهما دفعا للضرر.
د ـ تنجّز التكليف في حق المأمور والمنهي ، فلو كان مضطرا إلى أكل الميتة ، لا تكون الحرمة في حقه منجّزة ، فلا يكون فعله حراما ولا منكرا ، وإن كان الحكم في حق الآمر والناهي منجزا.
نعم ، إنّ الشرط الثالث ، أي عدم المضرة ، شرط في موارد خاصة لا مطلقا ، فربما يجب على الآمر والناهي تحمل الضرر وعدم ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وذلك فيما إذا كانت المصلحة مهمة ، كما لو استلزم سكوته خروج الناس عن الدين ، وتزلزلهم في العقيدة ، فيحرم عليه السكوت ، بل يجب عليه الإصحار بالحقيقة وإن بلغ ما بلغ من ضرب أو شتم أو حبس ، حتى القتل.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «إذا ظهرت البدع في أمتي ، فليظهر العالم علمه وإلا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» (٢).
وقال أمير المؤمنين علي عليهالسلام : «وما أخذ الله على العلماء أن لا يقارّوا على كظّة ظالم ولا سغب مظلوم» (٣).
__________________
(١) راجع الدليل الخامس من أدلة وجوب بعثة الأنبياء.
(٢) سفينة البحار ، ج ١ ، ص ٦٣.
(٣) نهج البلاغة ، الخطبة الثالثة.