في حال تغير وتبدل مستمر ، تموت ويخلفها خلايا أخرى ، وبهذا يتهيّأ للبدن استمرار حياته ، من غير فرق بين الخلايا الدماغية وغيرها ، غاية الأمر أنّ الخلايا الدماغية ، ثابتة من حيث العدد دون غيرها.
وقد قال الأخصائيون بأن مجموع خلايا البدن تتبدل إلى خلايا أخرى كل عشر سنوات ، فبدن الإنسان بعد عشر سنين من عمره يغاير بدنه الموجود قبل عشر سنين وعلى هذا فالإنسان الذي يبلغ عمره ثمانين سنة قد عاش في ثمانية أبدان مختلفة ، وهو يحسبها بدنا واحدا.
إذا عرفت ذلك ، فنقول : إن هناك فروضا :
١ ـ فلو فرض أنّ بدن إنسان صار جزء من بدن إنسان آخر ، فبما أنّ للمأكول أبدانا متعددة على مدى حياته ، فواحد منها مقرون بالمانع ، والأبدان الأخر خالية منه فيحشر مع الخالي.
٢ ـ ولو فرض أنّ جميع أبدانه اقترنت بالمانع ، فإنه أيضا لا يصد عن القول بالمعاد الجسماني ، لأنّ الناموس السائد في التغذية ، هو أنّ ما يستفيده الإنسان من الغذاء لا يتعدى ثلاثة بالمائة من المأكول والباقي يدفعه.
فإذا لا مانع من أن تتعلق الروح بأحد هذه الأبدان التي تتفاوت عن البدن الدنيوي من حيث الوزن والحجم ، ولم يدل على أنّ المحشور في النشأة الأخروية يتحد مع الموجود في النشأة الدنيوية في جميع الجهات وعامة الخصوصيات.
٣ ـ ولو فرض أنّ قانون التحول ساد على أبدان المأكول ، فلم يبق من كل بدن إلا النذر اليسير الذي لا يتشكل منه بدن إنسان كامل ، فلا مانع في هذا الفرض النادر من تكميل خلقته بالمواد الأرضية الأخرى حتى يكون إنسانا قابلا لتعلق الروح به ، وليس لنا دليل على أنّ المعاد في الآخرة يتحد مع الموجود في الدنيا في جميع الجهات حتى المادة التي يتكون منها البدن.
نعم ، إن كانت المادة الترابية التي تكوّن منها البدن الدنيوي موجودة ، فلا وجه للعدول عنها إلى تراب آخر ، وأما إذا كانت مقرونة بالمانع ، فلم يبق إلا جزء