يسير لا يكفي لتكوّن البدن ، فلا غرو في أن يتسبّب في تكميل خلقته بالأخذ من المواد الترابية غير المقرونة بالمانع.
والذي يدل على ذلك أنه سبحانه في مقام التنديد بالمنكرين ، يعبر بلفظ المثل ، ويقول : (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ) (١). الضمير في (مِثْلَهُمْ) يعود إلى المشركين المنكرين للمعاد ، وهذا يعرب عن كفاية المثل من غير حاجة إلى صدق العينية ، بالوحدة في المادة الترابية.
ويؤيد ذلك قول الإمام الصادق عليهالسلام : «فإذا قبضه الله إليه ، صيّر تلك الروح إلى الجنة في صورة كصورته ، فيأكلون ويشربون ، فإذا قدم عليهم القادم عرفهم بتلك الصورة التي كانت في الدنيا» (٢).
فترى أنّ الإمام عليهالسلام يذكر كلمة الصورة ، ولعلّ فيه تذكير بأنّه يكفي في المعاد الجسماني كون المعاد متحدا مع المبتدأ في الصورة من غير حاجة إلى أن يكون هناك وحدة في المادة الترابية بحيث إذ طرأ مانع من خلق الإنسان منه ، فشل المعاد الجسماني ولم يتحقق.
والتركيز على وحدة المادة ، يبتني على تحليل وجود الإنسان تحليلا ماديا وأنّه ليس وراء المادة شيء آخر ، وأما على القول بأنّ واقعية الإنسان بروحه ونفسه ، وأنّ جميع خصوصياته وملكاته موجودة في نفسه ، فالمعاد الجسماني لا يتوقف على كون البدن المحشور نفس البدن الدنيوي حتى في المادة الترابية ، بل لو تكوّن بدن الإنسان المعاد من أيّة مادة ترابية كانت ، وتعلقت به الروح ، وكان من حيث الصورة متحدا مع البدن الدنيوي ، يصدق على المعاد أنّه هو المنشأ في الدنيا.
قال صدر المتألهين : «إن تشخّص كلّ إنسان إنما يكون بنفسه لا ببدنه ، وإنّ البدن المعتبر فيه ، أمر مبهم ، لا تحصّل له إلا بنفسه ، وليس له من هذه
__________________
(١) سورة يس : الآية ٨١.
(٢) البحار ، ج ٦ ، باب أحوال البرزخ ، الحديث ٣٢ ، ص ٢٢٩.