عدولا يستدر بهم الغمام ويؤتمر بهم في العقائد والشرائع ، وغير ذلك من مجالات الاقتداء.
٢ ـ إن السنة المتضافرة عن النبي الأكرم ، على ارتداد الصحابة بعده ، تردّ كون كل واحد منهم نجما لا معا يقتدى به. ومؤلفوا الصحاح ، وإن أفردوا أبوابا في فضائل الصحابة ، إلّا أنّهم لم يفردوا بابا بل ولا عنوانا في مثالبهم ، وإنما لجئوا إلى إقحام ما ورد من النبي في هذا المجال ، في أبواب أخر سترا لمثالبهم ، فذكرها البخاري في الجزء التاسع من صحيحه في باب الفتن ، وأدرجها ابن الأثير في جامعه في أبواب القيامة عند البحث عن الحوض. كل ذلك سترا لأفعالهم وأوصافهم غير المرضية.
ولكن الصبح لا يخفى على ذي عيني ، ففيما أوردوا من الأحاديث في هاتيك الأبواب شاهد على أنّ صحابة النبي لم يكونوا مرضيين بل أنّ كثيرا منهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى.
روى البخاري ومسلم أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي ـ أو قال : من أمتي ـ فيحلئون عن الحوض ، فأقول : «يا ربّ ، أصحابي». فيقول : «إنه لا علم لك بما أحدثوا بعدك ، أنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى».
وفي بعض النصوص أنّ الناجي منهم ليس إلا همل النعم ، وهو كناية عن العدد القليل.
هذا قليل من كثير ، ذكرناه ، وكفى في تنديد النبي بهم قوله : «سحقا سحقا لمن بدّل بعدي» (١).
٣ ـ إنّ التاريخ المتواتر يشهد على ظهور الفسق من الصحابة في حياة النبي وبعده ، وهذا الوليد بن عقبة نزل في حقه قوله سبحانه : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) (٢) ويشهد التاريخ على أنّه شرب الخمر ، وقام ليصلي بالناس صلاة
__________________
(١) لاحظ في الوقوف على هذه الأحاديث ، جامع الأصول ، لابن الأثير ، ج ١١ ، كتاب الحوض ، في ورود الناس عليه ، ص ١٢٠ ـ ١٢١.
(٢) سورة الحجرات : الآية ٦.