قراءته والتمسك بما فيه وردّ ما يرد من اختلاف الأخبار في الفروع إليه ، وعرضها عليه ، فما وافقه عمل به ، وما خالفه تجنّب ولم يلتفت إليه» (١).
٤ ـ قال الطبرسي مؤلف مجمع البيان (م ٥٤٨) : «فأما الزيادة فمجمع على بطلانها ، وأما النقصان منه فقد روى جماعة من أصحابنا وقوم من حشويه أهل السنة أنّ في القرآن نقصانا والصحيح من مذهبنا خلافه وهو الذي نصره المرتضى قدس الله روحه ، واستوفى الكلام فيه غاية الاستيفاء في جواب المسائل الطرابلسيات ، وذكر في مواضع أنّ العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث العظام والكتب المشهورة وأشعار العرب ، فإن العناية اشتدت والدواعي توفرت على نقله وحراسته وبلغت إلى حد لم تبلغه فيما ذكرناه ، لأن القرآن معجزة النبوّة ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية ، حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيّرا ومنقوصا مع العناية الصادقة والضبط الشديد (٢).
هؤلاء هم أعلام الشيعة في القرون السابقة من ثالثها إلى سادسها ، ويكفي ذلك في إثبات أنّ نسبة التحريف إلى الشيعة ظلم وعدوان.
وأما المتأخرون فحدّث عنه ولا حرج فهم بين مصرّح بصيانة القرآن عن التحريف ، إلى باسط القول في هذا المجال ، إلى مؤلّف أفرده بالتأليف.
ونختم المقالة بكلمة قيمة للأستاذ الأكبر الإمام الخميني قال : «إنّ الواقف على عناية المسلمين بجمع الكتاب وحفظه وضبطه ، قراءة وكتابة ، يقف على بطلان تلك المزعمة (التحريف) ، وأنّه لا ينبغي أن يركن إليها ذو مسكة ، وما ورد فيه من الأخبار ، بين ضعيف لا يستدل به ، إلى مجعول تلوح منه أمارات الجعل إلى غريب يقضي منه العجب ، إلى صحيح ، يدل على أن مضمونه تأويل الكتاب وتفسيره ، إلى غير ذلك من الأقسام التي يحتاج بيان المراد منها إلى تأليف
__________________
(١) التبيان ، ج ١ ، ص ٣.
(٢) مجمع البيان ، المقدمة ، الفن الخامس ، ولاحظ بقية كلامه.