كتاب حافل ، ولو لا خوف الخروج عن طور البحث لأوضحنا لك أنّ الكتاب هو عين ما بين الدفتين وأنّ الاختلاف في القراءة ليس إلّا أمرا حديثا لا صلة له لما نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين» (١).
تحريف القرآن في روايات الفريقين
روى الفريقان روايات في تحريف القرآن ، وقد قام أخيرا أحد المصريين بتأليف كتابا اسماه «الفرقان» ، ملأه بكثير من هذه الروايات. كما أنّ المحدث النوري ألف كتابا باسم «فصل الخطاب» أودع فيه روايات التحريف ، وليس هذا وذاك أوّل من نقل روايات التحريف ، بل هي مبثوثة في كتب التفسير والحديث. وهذا هو القرطبي يقول في تفسير سورة الأحزاب : أخرج أبو عبيد في الفضائل ، وابن مردويه ، وابن الأنباري عن عائشة قالت : كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمان النبي مائتي آية ، فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلّا على ما هو الآن» (٢)
وهذا هو البخاري ، يروى عن عمر قوله : «لو لا أن يقول الناس إنّ عمر زاد في كتاب الله ، لكتبت آية الرجم بيدي» (٣).
وغير ذلك من الروايات التي نقل قسما منها السيوطي في الإتقان (٤).
ومع ذلك فنحن نجلّ علماء السنّة ومحققيهم عن نسبة التحريف إليهم ، ولا يصح الاستدلال بالرواية على العقيدة ، ونقول مثل هذا في حق الشيعة ، وقد تعرفت على كلمات الأعاظم منهم في العصور المتقدمة ، وعرفت أنّ الشيخ المفيد يحمل هذه الروايات على أنّها تفسير للقرآن ، وأنّ ما يدلّ على التحريف بالدلالة المطابقية يضرب به عرض الجدار.
__________________
(١) تهذيب الأصول ، تقريرا لأبحاث الإمام الخميني في أصول الفقه ، ج ٢ ، ص ٩٦.
(٢) تفسير القرطبي ، ج ١٤ ، ص ١١٣ ، ولاحظ الدر المنثور ، ج ٥ ، ص ١٨٠.
(٣) صحيح البخاري ، ج ٩ ، باب الشهادة تكون عند الحاكم في ولاية القضاء ، ص ٦٩ ، ط مصر.
(٤) الإتقان ، ج ٢ ، ص ٣٠.