أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١).
يقول الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ، من الحث على البيعة : «وأمّا حقي عليكم ، فالوفاء بالبيعة ، والنصيحة في المشهد ، والمغيب ، والإجابة حين أدعوكم ، والطاعة حين آمركم» (٢).
الثالثة ـ إنّه ليس هناك دليل شرعي على أنّ مجرّد البيعة ، بغضّ النظر عن المواصفات والضوابط الآتية ، طريق إلى تعيين الخليفة والإمام ، وإنّما يتعيّن بها ، إذا كان المبايع ، واجدا للصفات اللازمة في الإمام.
الرابعة ـ الظاهر أنّ البيعة ليست طريقا لتعيين الحاكم وانتخاب القائد ، وإنّما يتعين الحاكم بالمقاولة وتصويت الجماعة الحاضرين ، ثم يصبّ ذلك الانتخاب في قالب الحسّ بالبيعة والصفق ، وكأنّ البيعة تأكيد لما التزموا ، وتجسيد لما أضمروه أو تقاولوه. وعلى فرض كونها طريقا لتعيين الحاكم ، فهي إحدى الطرق لا الطريق الوحيد ، فلو علم رضا الأمّة بحكومة فرد وزعامة شخص عن غير طريق البيعة ، وأبرزت رضاها بطريق من الطرق ، لكفى ذلك في كونه قائدا لازم الطاعة ، لأنّه أشبه بالعقد والعهد.
الخامسة ـ إنّ التصويت الشعبي أو بيعة الجماعة الحاضرين إنّما يعدّ طريقا لتعيين الحاكم إذا لم يكن هناك نصّ من الرسول على تنصيب شخص للزعامة ، وإلّا تكون البيعة رفضا للنصّ ، واجتهادا في مقابلة.
السادسة ـ إنّ البيعة الكاملة من الصحابة الحاضرين في المدينة ، لم تتحقق في واحد من الخلفاء الأربعة ، إلّا في علي ، فقد بايعه المهاجرون والأنصار ، إلّا نفر قليل لا يتجاوز خمسة أشخاص ، هم سعد بن أبي وقاص ، وعبد الله بن عمر ، وحسّان بن ثابت ، وأسامة بن زيد ومحمد بن مسلمة ، والباقون أصفقوا
__________________
(١) سورة المائدة : الآية الأولى.
(٢) نهج البلاغة ، الخطبة ٣٤.