قولهم : معنى التواتر غير مفهوم ؛ ليس كذلك ؛ إذ هو عبارة عن خبر جماعة مفيد لليقين بمخبره.
قولهم : ذلك يفضى إلى الدّوم. إنّما يصح أن لو وقفنا العلم الحاصل عن التواتر على معرفة التواتر ، وليس كذلك ، وعلى ما ذكرناه فى الحد من القيد ، وهو خبر جماعة ؛ فلا يخفى خروج خبر الواحد إذا احتفت به القرائن ، وأفاد العلم عن أن يكون داخلا فى الحد.
قولهم : لا نسلم لزوم حصول العلم بخبر الواحد.
قلنا : هذا جحد لما هو معلوم ضرورة ، فإن عاقلا لا ينكر حصول العلم بوجود / مكة وبغداد ، مع أنه لم يشاهدهما ، وليس العلم بذلك مستندا إلى مدرك من المدارك المفيدة للعلم عن الخبر ؛ فكان هو التواتر.
قولهم : لو حصل العلم بخبر التواتر : إما أن يحصل بخبر كل واحد أو خبر بعضهم. أو بالمجموع.
قلنا : هذا تشكيك على ما هو معلوم ضرورة فلا يقبل. كيف وأنا نقول المختار من الأقسام المذكورة : إنما هو القسم الثالث ، وهو حصول العلم بالمجموع.
قولهم : إما أن يكون قد حصل للجمع حالة زائدة ، أو لم يحصل.
قلنا : بل حصل ، فإن الهيئة الاجتماعية (١) لا تكون مانعا من الكذب ، فهو مكابرة للضرورة (١) من الآحاد مما لا ينكرها عاقل إلا عن عناد.
قولهم : إذا كان خبر كل واحد على الانفراد يحتمل الكذب فضمّ ما يحتمل الكذب إلى ما يحتمل الكذب لا يكون مانعا من الكذب ؛ فهو مكابرة للضرورة وما يجده كل عاقل من نفسه عند ما إذا أخبره الواحد بخبر من حصول أصل الظن ، وتزايده بالثانى ، والثالث ، والرابع إلى أن ينتهى إلى اليقين الّذي لا مشكّك معه : كما يجده من العلم بوجود مكة ، وبغداد ، فإنه لا مستند له غير الخبر ، ولو قدّرنا انفراد الواحد والاثنين من جملة الجماعة المخبرين لنا بذلك ؛ لما حصل لنا العلم به.
__________________
(١) ساقط من ب.