الأول : مسلّم. والثانى ممنوع.
فإنا ذكرنا أن مذهب القاضى أبى بكر أن ذلك غير ممتنع عقلا ولا سمعا ، ولم يثبت أنه حالة إضافة الإشراك إليه كان نبيا. وإن سلمنا امتناع الشرك بالله ـ تعالى ـ على الأنبياء مطلقا.
غير أنه لم يرد بقوله (جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ) فى الإلهية ؛ بل أراد به شركاء فى الطاعة له ، أى أنهما أطاعا إبليس فى تسمية ولدهما عبد الحارث على ما سبق تحقيقه فى التأويل الثانى.
وطاعة إبليس وإن لم تكن فى الشرك بالله ـ تعالى ـ فهى ذنب ، ومعصية ؛ فإنه لا يأمر بغير الشر والباطل.
قولهم : الضمير فى جعلا له شركاء عائد إلى الذكور والإناث من أولادهما الكفار.
قلنا : أولادهما وإن كانوا مذكورين ، غير أن التثنية غير مذكورة والأصل فى ضمير التثنية ، أن يعود إلى المذكور ، لا إلى غير المذكور ؛ إذ هو أبعد عن اللّبس والخلل.
وإن سلّمنا أن ضمير التثنية مذكور غير أن الأصل عود الضمير إلى أقرب مذكور.
/ / ولا يخفى أن آدم وحواء أقرب مذكور إلى الضمير من أولادهما ، فكان عوده إليهما أولى ، ولأن الضمير فى قوله ـ تعالى ـ (فَلَمَّا تَغَشَّاها) وفى قوله (دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما) وفى قوله (آتَيْتَنا صالِحاً) وفى قوله (لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) وفى قوله (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً) عائد إلى آدم وحواء. فكان عود الضمير فى قوله (جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ) إلى آدم وحواء أولى ؛ إذ هو أقرب إلى ضبط الكلام ، وحفظه عن الخبط ، والتخليط وإن كان عوده إلى غيرهما جائز كما ذكروه. وقوله : (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) عائد إلى كفار مكة المذكورين فى أول الآية.
قولهم : فى التأويل الثانى : الضمير عائد إلى إبليس ، ومعناه : أنهما جعلا لإبليس شركاء فى اسمه ، حيث سميا ولدهما باسمه ؛ فهو ممتنع لوجهين :
__________________
/ / أول ل ٩٥ / ب.