فقال لها : أرأيت إن دعوت الله أن يجعله إنسانا مثلك ، ومثل آدم أتسمينه باسمى ، وكان اسمه الحارث ـ قالت نعم ، ثم انصرف عنها.
فقالت لآدم : لقد أتانى آت يزعم أن الّذي فى بطنى بهيمة وإنى لأجد له ثقلا. وقد خفت أن يكون كما قال ، فجعلا يدعوان الله ـ تعالى ـ لئن آتيتنا صالحا : أى ولدا سويا فى الخلق لنكونن من الشاكرين.
فولدت ولدا سويا ، فجاءها إبليس وقال لها : لم لم تسميه باسمى كما وعدتنى؟
قالت : وما اسمك فقال : عبد الحارث ، فسمته عبد الحارث ، ورضى بذلك آدم ـ عليهالسلام (١) ـ فمعنى قوله ـ تعالى ـ (جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما) (٢) أى لإبليس فى اسمه ، حيث سموا ولدهم عبد الحارث ، ثم انقطع الكلام وقال (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) يعنى كفار مكة المذكورين فى أول الآية ، ولا يمتنع الانتقال من خطاب شخص إلى خطاب غيره ، كما ذكرناه من قوله ـ تعالى ـ (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) (٣).
الوجه الثالث فى التأويل :
أن الضمير فى قوله (جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ) عائد إلى الولد ، لا إلى الله ـ تعالى ـ ولا إلى إبليس ، ومعناه : أنهما طلبا من الله ـ تعالى ـ أمثالا للولد الصالح / الّذي آتاهما. وعلى هذا : فلا يمتنع أن يكون الضمير من أول الكلام إلى آخره عائدا إلى آدم وحواء.
وقوله (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) غير عائد إلى هذا الإشراك المذكور ، فإنه غير ممتنع أن يطلب منه ولدا صالحا بعد آخر ، وإنما المراد به الإشراك به ـ تعالى ـ ويكون الكلام منقطعا عن الأول كما سبق تحقيقه.
والجواب :
قولهم : الإجماع منا ومنكم منعقد على امتناع الشرك بالله ـ تعالى ـ على الأنبياء.
قلنا : فى حالة النبوة ، أو قبل النبوة.
__________________
(١) قارن بما ورد فى شرح المواقف ص ١٤٠ ـ ١٤٢.
(٢) سورة الأعراف ٧ / ١٩٠.
(٣) سورة الأحزاب ٣٣ / ٤٥.