قال ـ تعالى ـ (وَتُسَبِّحُوهُ) يعنى مرسل الرسول / ـ عليهالسلام ـ فالكنايات مختلفة وإن كان الكلام جملة واحدة ، ومنه قول الشاعر :
فدى لك ناقتى وجميع أهلى |
|
وما لى إنه منه أتانى (١) |
ولم يقل منك أتانى.
وأما الثانى : فلا نسلم عدم ذكر أولاد آدم وحواء ؛ بل إنهم مذكورون فى قوله ـ تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) (٢) إذ المراد به جميع أولاد آدم ، وإذا تقدم مذكوران ، وعقبا بضمير لا يليق بأحدهما وجب إضافته إلى من يليق به ، والشرك غير لائق بآدم ؛ فوجب عوده إلى الكفار من أولاده.
وإن سلمنا عدم ذكر الأولاد ، غير أن عود الضمير فى الكلام إلى ما ليس مذكورا غير ممتنع. ودل عليه قوله ـ تعالى ـ (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) (٣) يعنى الشمس ولم يسبق للشمس فى الكلام ذكر ، ومنه قول الشاعر :
لعمرك ما يغنى الثراء عن امرئ |
|
إذا حشرجت نفس وضاق بها الصدر (٤) |
والضمير فى حشرجت عائد إلى النفس وهى غير مذكورة.
الوجه الثانى فى التأويل :
أن الضمير فى قوله (جَعَلا لَهُ) غير عائد إلى الله ـ تعالى ـ بل هو عائد إلى إبليس.
وتحقيق ذلك أنه قد روى «أن حواء لمّا أثقل بها الحمل عند دنو ولادتها عرض لها إبليس فى غير صورته ، وقال لها يا حواء لعل ما فى بطنك بهيمة؟ فقالت : ما أدرى ، ثم انصرف عنها ، فلما ازداد ثقل الولد فى بطنها ، رجع إليها إبليس فقال لها : كيف تجدينك. فقالت : إنى أخاف أن يكون الّذي خوفتنى به ، فإنى لا أستطيع القيام إذا قعدت.
__________________
(١) والبيت جاء بدون نسبة فى الكامل ٢ / ٥٧.
(٢) سورة الأعراف ٧ / ١٨٩.
(٣) سورة ص ٣٨ / ٣٢.
(٤) القائل حاتم الطائى وهو فى ديوانه ص ١٩٩.