وعنى به أكبر أصنامهم ، وأضاف التكسير إليه ؛ فكان كاذبا فيه ، وذلك إمّا أن يكون قبل النبوة ، أو فى حالة النبوة. وعلى / كلا التقديرين فهو خلاف مذهب الخصم.
فإن قيل : لا نسلم أنه أضاف التكسير إلى الصنم ؛ بل المراد من قوله (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) نفسه ، لأن الإنسان أكبر من الأصنام.
وإن سلمنا أنه أضاف التكسير إلى الصنم ، لكن لا نسلم أنه أضاف إليه مطلقا ؛ بل معلقا بشرط وهو قوله (إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) ومعلوم أنهم لا ينطقون. ولا يخفى أنه يلزم من انتفاء الشرط ، انتفاء المشروط.
وإن سلمنا أنه أضاف التكسير إلى الصنم غير مشروط بالنطق فمعناه : أنه الحامل لإبراهيم على تكسير الأصنام لموضع غيظه منه ؛ بسبب ما رأى من تعظيم قومه له. والفعل كما يضاف إلى المباشر يضاف إلى الحامل عليه.
والجواب :
قولهم : لا نسلم أنه أضاف التكسير إلى الصنم.
قلنا : دليله قوله (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) الّذي على عنقه الفأس ؛ لأنه كان قد وضع الفاس الّذي كسّر به الأصنام ، على عنق الصنم وفهم القوم ذلك من إشارته. والأصل حمل اللفظ على ما هو صريح فيه ، ولا يجوز ترك ظاهر اللفظ من غير دليل.
قولهم : إنه أضاف التكسير إلى الصنم ، مشروطا بنطق الأصنام.
لا نسلم ذلك ؛ بل المشروط بنطقهم : إنما هو السؤال ، وهو قوله : (فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) (١).
قولهم : إنه أضاف التكسير إليه ؛ لأنه الحامل له على التكسير لموضع غيظه منه.
ليس كذلك ؛ لأن غيظه منه يجب أن يكون حاملا له على كسره لا على كسر غيره.
كيف وأن هذه التأويلات على / / خلاف ما روى الحسن عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه قال :
__________________
(١) سورة الأنبياء ٢١ / ٦٣.
/ / أول ل ٩٦ / ب.