وروى أن الله ـ تعالى ـ لما غفر له ، أوحى إليه «أما الذنب فقد غفرته لك ، ولكن ذهبت المودة التى كانت بينى وبينك».
وروى أنه لما أصاب داود الخطيئة نفرت الوحوش من حوله فقال : «إلهى رد على الوحوش لآنس بها» فردها عليه ؛ فرفع صوته يقرأ ، فأصغين باستماعهن إليه ، ثم نادينه «هيهات يا داود ذهبت الخطيئة بحلاوة صوتك».
فإن قيل : ما ذكرتموه عن امرأة أوريا بن حتان من قصد النظر إليها ، وقصد قتل أوريا ؛ [لم يثبت ولم يصح] (١).
وقوله ـ تعالى ـ (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) (٢). فقد قيل فى تأويله : إن المتسور على داود ، إنما كانوا من البشر ، وأن لفظ النعاج محمول على حقيقته ، لا على الكناية عن النساء. وفزعه منهم : إنما كان لأنهم دخلوا عليه فى غير وقت الدخول ، [بغير إذنه] (٣) ، وذلك لا يدل على معصية ، والحمل على هذا التأويل ، أولى من تقدير صدور المعصية من النبي ، وتقدير تبكيته من الله ـ بالملائكة ، وبقولهم (خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ) إلى قوله (وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ) (٤). حيث أنه يلزم منه كذب الملائكة فى قولهم (خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ) ولم يكن كذلك أو للاضمار فى كلامهم ، وتقديره : أرأيت لو كنا كذلك ، وكل واحد من الأمرين بعيد ، ويلزم منه أيضا الكذب فى قولهم (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها) (٥) ، إن حمل على إطلاقه حيث لم يكن له نعجة ، ولا لأخيه نعاج ، ولا قال له ذلك ، وأن يقدر فى الكلام ما ذكرناه. ولا يخفى امتناع الكذب على الملائكة وبعد الإضمار والتقدير فى الكلام.
وإن سلمنا أن / / المتسور عليه كانوا ملائكة ، لقصد عتابه ؛ فليس فى ذلك ما يدل على كونه مذنبا ، فإنه روى أن أوريا بن حنان خطب امرأة وكان من عادة أهل ذلك
__________________
(١) ساقط من (أ).
(٢) سورة ص ٣٨ / ٢١.
(٣) ساقط من (أ).
(٤) سورة ص ٣٨ / ٢٢.
(٥) سورة ص ٣٨ / ٢٣.
/ / أول ل ٩٩ / ب.